حكايات رحالة …..إبراهيم جمال( الشهير بمحمد خالد)

…اشتم رائحة الفقر هنا، ضاربة في الزوايا، متفشية في الارجاء، تتساقط مع القطرات، وتتنتشر مع النسائم. هنا حيث تكون الراحة العظمى؛ أن يضع رجل قدمية كلاهما الى الارض دون صراع، ودون اصطدام. حينها ارى هذا الرجل الذي يفترش الحديد ملكا؛ والشاب الذي أسعفته قواه ان يجلس الى الباب صاحب جاه، والمحظوظ الذي يجلس إلى الكرسي ملاكا او ربما اله.
هنا تجتمع رائحة الفقر، الى البساطة لتصنع من المزج الاسطورى بينهما طينة هذا الفرعون المصري.
وهنا أجد الفلسفة ضاربة في الاعماق؛ ان تتأمل هذا الكائن الاسطورى، وصبره، وحكاياته التي لا تنضب ابدا، وشجاراته، وابتسامته التي تتولد من معاناته العظيمة.
هنا ترى قدرة الله جلية في كل ركن. ان ترى كيف يتكيف الحشد ويتشكل تثق في قدرة الله على الرسم والخلق؛ ان ترى الصراع يجعل الابتسامة تنقذ الموقف فتجد طريقها عنوة الى الوجه والقلب؛ تعرف قدرة الفن على خلق الجمال وابتداعه. هنا اجد انني انتمى الى كل ما هو بسيط وفقير.
استمع جيدا الى مريد الاولياء؛ الذي يسرف عمره سفرا؛ ليصل. واستمع جيدا الى العجوز الذي يخاف الوصول. والى الشاب الذي يقف متذبذبا مابين الرغبة في الوصول والى مخافته منه.
هنا اجدني انا؛ كما وصفتني امي. رحالة لا يصل ولا يمل. وعاشق لا يكتفي بعشقه ولا يستنكف عنه.
بداية كنت قد قررت السفر وحيدا عساني استكشف ما يمر بي؛ ان اجد دائي؛ ان اصل الى عمق ذاتي فارويه ليزهر من جديد. غير انني اعتذر الان الى كل هذه الاقصوصات التى روت روحى؛ فاطمأننت. ورغم الصخب والضجيج انتشيت بهدوء لا مثيل له.
حقيقة لا ادرى انسمات الهدوء هذه نسائم البحر الذي اذهب له؛ ام نسائم البحر الذي اذهب به.
هؤلاء البشر يستحقون ان يوصفوا بالبحر، بجماله، وقوته. هدوءه، وعنفوانه. رزانته، وطيشه. عقله، وجنونه. هذا السواد الأعظم من البشر عظيم لتجلى روح الله فيه.
هذا الفقر الضارب بجذوره يرهب حقا، غير انه لا ينتصر برهبته. تشعر فيه بالعجز نعم، غير ان جمال بساطته اعظم. تجد فيه الظلم لاريب؛ غير انك لا تستطيع ان تحبس أنفاس النور فيه.
لن تنتهي الحكايات أبدا، رغم اننا ننتهي. لذا فرحلتي ستتم حتى ولو انتهت احرفي وانتهيت.