يا صديقي..
لا يمكن أن نرضى بتكدّس الظلام، دعنا ننطلق عبر الوهج الخافت، نُحيي الضوء الميت في الأفق، نستنير به ونصنع سويًا عالمًا مخمليًا يمتص الحب من أثداءِ السخاء.
هناك في عالمنا سنغرق في بحرٍ من السكون، تُزينه قناديل العشق المبهجة، ينثر فيه الزنبق عبَقَ السلام الخالد، وتشدو الطيور بصوتها الرخيم أصداء الأمان.
هناك.. لن تجد طفلًا جائعا، ولا جندي مُثْخن بجراحه، ولن يجثم الليل على صدر الضعفاء.
سنقتل العناكب العابثة بوجوه الصِبا، وستنحني سنابل أوطاننا بتواضع الامتلاء، ستكون النساء ذات جيدٍ ياقوتي ينساب من خلاله الدلال، والكرز ينضج على مهلٍ ويقطر سكرًا فوق شفاه البيوت.
سترى البنادق مشبوحة معاقبة على أكتاف السماء، والمظلوم ينتعل ظالمه كحذاء، وابتسامات الأطفال تمزق بزّة عسكرية مخضبة بلون البؤس.
هناك لن تجد قضبان الأسى، ولا كدمات الخيبات، ستَطبع القبلات على جبين الحرية كل يوم، وتمتطي أحصنة الانطلاق نحو المجد، ستصدح بالضحكات والقهقهات دون عتاب.
فهيا يا صديقي ننطلق نحو عالمنا، حتى لو كان محض خيال أو مجرد حلم يغفو على قارعة النسيان؛ نرسم واقعًا جديدًا في ظلمة التأملات، نتشابك بأيدينا ونصنع جسرًا بشريًا لا يُهتك ستره. فماذا قلت؟
همس له صديقه بإجابةٍ خافتة، ثم.. غمرهما التراب.
فقد تم هَتك سترَ كلماته قبل اتمام الجسر البشري الحالم نحو المحرمات!