“يا استاذ تشرب اية؟!”
استاذ!
باشا!
لم يلتفت إلى صبي المقهى، ظل شارد وعيونه لا ترى سوى عربة الفول الواقفة أمام المقهى
عربة خشبية مكتوب عليها بالخط الأحمر العريض “فول البرنس” مزينة بحزم بقدونس، تحمل قدرة فول، زيوت، ليمون، فلفل أخضر،خبز وأحيانا بيض مسلوق
شاب في الثلاثين من عمره يقف بسعادة والجميع يلتف حول عربته
بجواره طفل في العاشرة من عمره، يغسل الأطباق في جردل بلاستيك به ماء ويضعها على مقعد خشبي أمامه
الجميع يلتف حول العربة في الصباح، يملؤون الأمعاء الفارغة
حركة أفواههم سريعة، بطونهم منتفخة، وجوههم منتفخة بالطعام كالبالونة
يسارعون في إنهاء الطعام وكأنهم في مسابقة ومن يفوز أولا؟
حالة من النهم، ربما يتلذذون، وربما يملؤون البطون فقط
ثم يلتفت إلى الشحاذين الذين يجلسون على الأرصفة، في أيديهم خبز وأقراص “طعمية” ساخنة
باعة الجبن “القريش” يفترشون الأرض في انتظار الزبائن، في أيديهم خبز فلاحي، جرجير، جبن قديم يسبح الدود به”مش” وبصل
في الصباح الكل يبدأ يومه بملأ أمعاءه إلا هو، ينظر للطعام بخوف
ينظر إلى أفواه الجميع المتحركة كالتروس إلا فمه، صامت، أسنانه مسجونة خلف قضبان شفاه زرقاء، لا تفتح إلا لإبتلاع أقراص علاجه وكوب ماء فقط
شاب في الأربعين من عمره، جسده نحيل، يجلس أمامي في المقهي كل يوم
احتسي قهوتي السادة وبدلا من قراءة الجريدة، أقرأ وجهه وهو ينظر إلى صبي المقهي ويقول له: ” كوب ماء كالعادة”
#هناء_مطر
عربة الفول