عبده مرقص عبد الملاك
تلك الايام ….
كلما مرت بخاطرى وجدتنى غارقا فى بحار مالحة تتساقط قطراتها شلالات و امطار غزيرة و يهزنى الشوق و يجرفنى الحنين فاحترق باشواقى …. رحم الله كل من كانوا فى هذا الزمن الجميل،
فما زالت صورة جدتى الحاجة صديقة جلال – رحمها الله و قد كانت فى ذلك الحين تبلغ من العمر تقترب من الخامسة و السبعين – محفورة فى وجدانى لتذكرنى بذلك الزمن الجميل
وقد كان والدى يعمل فى لحام المعادن ( لحام اكسجين ) و الذى يتم فيه اتحاد الاكسجين بغاز الاستيلين فينتج نارا درجة حرارتها كفيلة بان تذيب الحديد و لذا يتم الالتحام بين الاشياء المكسورة و غالبا ما كان يتطاير شرار من الحديد المنصهر و هذا الشرار قد يحتوى على ( رايش ) من الحديد المنصهر
– و ما ادراك كيف يكون رايش اللحام – عندما يلتصق او يخترق حدقة العين فى وقت كان اطباء العيون نادرين و لذا فعندما كان والدى يصاب برايش فى احدى عينيه ، و قد كنت طفلا فى ذلك الحين كنت اجري على جدتى – الحاجة صديقة جلال رحمها الله – فكانت تأتى مسرعة معى و معها ادوات الاسعاف و تعمل العملية فى منزلنا و ما هى الا دقائق و كل شىئ يصبح على ما يرام ادوات العملية كانت .. لسان جدتى الحاجة صديقة و العلاج كان قطرة عبارة عن ….. عسل اسود ……………….وهى كذلك لم تكن تتقاضى اى اجر بالعكس كانت تاتى للمتابعة و معها سكر و شاى و سجاير لوالدى
رحم الله الايام و رحم الجميع
عبده مرقص عبد الملاك