إسراء عصام تكتب الليلة المظلمة للنفس


 

الليلة المظلمة للنفس.
يمر الإنسان بعدة مراحل للترقي الروحي لتبقي واحدة منهم هي الأكثر قسوة وظلمة للنفس البشرية تسمي (the dark night of the soul ) الليلة المظلمة للنفس ، قد تمتد تلك المرحلة ليوم واحدوقد تصل لاشهر اوتستغرق سنوات… وذلك اذا لم يجد المرء طوق النحاه وإنقطعت كل سبل الفرار من الغرق.
يشعر اثنائها الإنسان بآحاسيس مختلطة.. بدءاً من تقييم ذاته وعلاقاته مع الآخرين وكم ضاع من العمر في سبيل الكثير من الغباء وضياع الذات و الروح مع الكثير من الاشخاص و الاشياء.. قد يتعمق خلالها الي اصل الكون و الأشياء و الأديان ،فيبدأ عقله في طرح الاسئلة الوجودية التي يشقي بها المرء خلال ليله الطويل.
تختلف كل تلك الأمور و التساؤلات تبعا لمستوي الإنسان الفكري و الترقي العقلي و الروحي الذي قد وصل له.
ولكن العامل المشترك في كل ذلك هو حجم الألم النفسي و الإحساس بالحيرة و الضياع و انعدام المعني للذات و الرحلة ، و فقدان الشغف تجاه كل ما كان يتمتع المرء بوجوده دوما.
ولكن السؤال الاهم… هل يصل الإنسان لتلك المرحلة المظلمة من العدم ؟
تحدث هذه الحالة لسبب ما ظاهر لذات الإنسان او دفين داخل روحه.. لم تساعده نفسه علي البوح و الإعتراف به بدافع الخوف من مواجهة الحقيقة أو بدافع الهرب من حجم الألم إذا اعترف بالأمر.
من ضمن تلك الاسباب.. فراغ المعني الذي يصل إليه الإنسان بعد تحقيق كل شيء حلم به يوماً ما من وظيفة أومسار معين ، أو أيا كانت تلك الأهداف بمفهومها النسبي المتغير من شخص لآخر ، ليبدأ الإنسان في التساؤل.. ماذا بعد ؟
أنه الرضا الذي يتحول لسخط تجاه الشغف و الاهداف.
تحدث أيضا كنتاج عكسي للنقطة السابقة.. جراء سعي الإنسان المستمر دون وصوله لما يتمناه فلا يدركه ، فيخيل إليه آن الحياه تعاقبه لسبب ما يجهله، وفي لحظة تعاسة داخل ليلة مظلمة حمقاء يشعر الإنسان بالتعب من كل ذلك ، فتنطفيء روحه ويبدآ جحيم الأفكار بصورة مباغته يهاجم عقله… هل الطريق يستحق كل تلك المشقة حقا ؟ هل قمت بامر خاطيء ؟ لماذا من حولي اغبياء و رغم ذلك يصلوا ؟ هل استسلم أم أكمل ما بدأت في سبيل الوصول ذات يوم ؟…أفكار و أفكار تحاكم المرء كمشنقة.
يختلف تعامل المرء مع تلك المرحلة المظلمة تبعا لنوع شخصيته وطريقة معالجته للأحداث و الامور من حوله… فنجد نوع منهم يلجآ الي الهروب بحجة عدم الإعتراف بالامر ، قد يكون هروب إيجابي او هروب سلبي… يتمثل النوع الاول في توظيف الحزن و المعاناه في موهبة معبنة يمتلكها المرء سواء الموسيقى ،الرسم ،الكتابة او اي مهارة اخري ،وقد يكون انغماس في العمل بصورة مبالغ فيها ، لتتحول في مرحلة تالية الي هروب سلبي له أثر سيء علي الفرد إن زاد عن الحد.
اما الهروب السلبي فيكمن في الهروب الي الملذات كاللجوء الي التدخين أو الخمر او إقامة علاقات غير شرعية بصورة غبر طبيعة و متعددة فيحصل الإنسان من كل ذاك علي لذه مؤقتة تفعل في نفسه فعل المسكن فيسكن الألم دون سكون الجرح ذاته.
نوع آخر من الأشخاص تواجه تلك المرحلة بالتغير الجذري في مسار حياتهم وهنا لا يستطيع ايا منا تقييمها سواء بالسلب أم الإيجاب ، لكونها نسبية تبعا لمبادئ كل فرد ، فمن بعض تلك التغيرات الجذرية… ترك العمل او حتي الانفصال عن الشريك ،قد تصل بالبعض الي الإلحاد وتغيير الدين و العقيدة.
وايا كانت الأسباب و الظروف التي قد ادت لتلك المرحلة ، وأيا كان أسلوب و طريقة معالجة كل شخص لذلك الأمر …
هي ليلة يولد المرء فيها من جديد وتتغير حياته 180 درجة ، هي مرحلة من الترقي الروحي و الفكري و واجب علي الإنسان استغلالها بكل الأشكال.
من رحم تلك اللحظة المؤلمة التي سرعان ما تتوغل داخل نفس المرء.. ولد أعظم القرارات و التي قد تغير حياته وترقي روحه فيما بعد…
“أقرب مكان إليك هو ذاتك ولكن الطريق إليها طويل… فأسعي دوما لاكتشاف وجهتك”.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.