أفكر فيما لو تبدلت الأدوار وصرت يمامة، وخرج بعد الفجر صيادا يحمل بندقيته يتبعه ابنه الصغير حيث يحمل سكينا حادا.
يقترب الصياد تحت أحد أسلاك الكهرباء التي أقف على أحدها منشغلا بالبحث عن الحبوب كوني يمامة لا تعرف بعد كيف تجري الأمور في أول يوم عمل لها، وحيث أنا في أوج تركيزي لا أراه يقترب ومن ثم يضغط هو على الزناد فيصيبني فأسقط سقوطا مدويا على الأرض فيهرع الطفل نحوي ويلتقطني من على الأرض حاملا إياي لأبيه، فيناوله الطفل السكين وينهي معاناتي.
في هذه الحالة موتى لن يسمى انتحارا وسيرفع الصياد رأسه عاليا مزهوا أمام طفله، وسأدخل السرور على قلب أسرة كان من الممكن أن يصيبها الجوع ذلك اليوم!
لكن مثل هذه الأشياء لا تحدث أبدا، فلحكمة ما لا يملك أحد رفاهية إنهاء حياته دون أن يكون بداخله قلقا أبديا بما سيلي فعلته هذه، ولا يستطيع التلاعب فيستأجر من يفعل ذلك له وينهي حياته بدلا عنه، فثقافتك الدينية ومعرفتك بقصص من مضى تهمس في أذنك مذكرة إياك بفعل أصحاب السبت، وأنك لا تستطيع أن تحتال على الرب.
في كل صباح أرى فيه اليمام أو العصافير كنت أتحدث إليهم علَّ شيئا ما يحدث، حتى جاء فجر يوم ويبدو أن الله أراد أن يحقق لي مرادي فوجدتني على السلك في هيئة يمامة، وسمعت مناد ينادي في مكبر صوت المسجد أن فلانا قد مات، وكان فلانا هذا هو صياد اليمام في القرية!