سبيل الخير….حسن عبدالهادي
في ليالي صيفية شديدة الحرارة تعود أن يسير متأملًا أحوال المارين،يتخيل كل عابر كقصة قائمة بذاتها ،هذا عائد من عمله ويبدو عليه الإرهاق الشديد وقد أمسك بأمتعة أحضرها خصيصًا لأطفاله،وهذه تستعد لاستقلال سيارة أجرة للذهاب إلى سهرة ليلية،أما للعجوز فقد انتهى للتو من صلاة العشاء وقد بدا هادئًا يسير هونًا بجلباب أبيض تمنى أن يكون مماثل لنقاء نفسه..
واصل السير ليرى مجموعة من الشبان الجالسين على سيارة وقد بدا العبث في وجوههم ،وقد تخيل فتاة جميلة تسير أمامهم كيف سيكون مصيرها في مجتمع اعتاد على إهانة المرأة وإيجاد مبررات للذئاب البشرية،وقبل أيام قرأ عن مقتل الفتاة التي تم الاعتداء عليها أمام زوجها،وقد صاغت الصحف الخبر في صورة وفاة وكأنها تشترك في الجريمة ..
ينظر إلى عامل النظافة المنهمك في أداء عمله،صاحب اللحية البيضاء الكثة،لا شك أن هذا الرجل عاش ورأى أكثر منه ،ينظر إليه نظرة مستكينة،يختلف عن غيره ممن يرتزقون التسول لزيادة دخلهم،ثم رأى مُبرد مياه المسجد،وقد راودته رغبة عارمة في معرفة الفتاة الواقفة تملأ عبوتها “البلاستيكية” منه..
وعقب انتهائها التفتت لتنظر إليه وينظر إليها،السلسلة الذهبية الصليبية المعلقة في عنقها،منحته نظرة بريئة ثم انصرفت،وقف أمام المُبرد ليجد خط مكتوب عليه “لم يفعل أي خير في حياته سوى تبرعه بمال هذا المبرد ليسقي العابرين”..