حانوت القلوب المستهلكة.
كانت تحدوني رغبة عارمة في فتح حانوت صغير للقلوب المستعملة “بيع، شراء، صيانة، استبدال”، ستكون تجارة رائجة، فالجميع لديهم قلب مستعمل، وللمصداقية سأقوم بعرض قلبي في الفاترينة، وأثبت في أحد جدرانه ورقة مكتوب عليها_ نشتري القلوب المستعملة أيا كانت حالتها، حتى لو كانت مهترئة تغطي أغلب سطحها الرقع، وهذا قلب البائع لمن أراد أن يشتريه!
ظلت الفكرة مسيطرة على عقلي حتى قرأت في الجريدة صباحا في قسم الإعلانات المبوبة ص ١٦ عن حاجة شركة “بائعو الوهم” لعدد من القلوب بأسعار مغرية جدا فعدلت عن تنفيذ الفكرة ودونت أرقام هواتف الشركة في دفتر الملاحظات، واتصلت مساء فتم تحديد مقابلة شخصية صباح اليوم التالي.
في صباح اليوم التالي قابلت أحد المسئولين في الشركة، والذي أوكلت إيه مهمة مقابلة الأشخاص الذين يريدون بيع قلوبهم.
قدمت إليه سيرتي الذاتية وفيها كم مرة أحببت وفارقت ونزف على إثر ذلك قلبي وتهتكت نياطه، وكم مرة فقدت عزيزا، وكم مرة انفطر قلبي لمشهد مأساوي إلى آخره من الأشياء التي بسببها لم يعد قلبي قادرا على الإستمرار.
قال بصوت بارد وهو يرتشف فنجان قهوته_ عظيم، لكن دعنا نقوم بفحص قلبك.
فعل ذلك وعندما تأكد من صدق القول مبرهنا بحالة القلب، سألته عن المقابل، فأجاب بأنه سوف نعطيك قردا صغيرا يعتلي كتفك، يمسك بيده عصا طويلة تكون أمامك مباشرة حين يمدها، يتدلي منها خيط مربوط في نهايته ما تحلم به وتود تحقيقه، وبالطبع ستظل هكذا تلاحق حلمك ولا ترى أي شيء سواه حتى تصدمك سيارة أجرة، أو أتوبيسا للنقل العام، أو تتردى من فوق جبل، أو أي شيء يجعلك تلقى حتفك وأنت تلهث خلف حلمك! وهذا ليس كل شيء فنحن سنقوم بنعيك في صفحة الوفيات ونكتب بالخط العريض_ أن المتوفى مات وهو يطارد حلمه..
على الهامش
ص ٢٠ “وفيات”
وفاة رجل أحمق، باع قلبه ظنا منه أن بإمكانه وبدونه يستطيع ملاحقة حلمه.
جميله احلامنا أصبحت تابوت لنا
إعجابإعجاب