إسراء عصام تكتب الألوان و ثقافات الشعوب


كيف ثؤثر الألوان على ثقافات الشعوب ، وكيف تتشابه تلك الألوان مع المحيط الذي يعيش به الإنسان.. فالألوان ترتبط ذهنيا بأفكاره الشخصية وأيضا بنفسيته ، فقد يرتبط اللون الأحمر على سبيل المثال بفاكهة معينة يفضلها الشخص فيرتبط ذهنيا باللون أو قد يمثل بالنسبة لشخص آخر لون الدم فيكرهه الإنسان.. ولكن تلك المعاني تختلف بالنسبة لثقافات الشعوب المختلفة و ثقافتها ذات تأثير مجتمعي أكثر منها بصورة فردية.


فيعتبر اللون الأحمر بالنسبة لدول الشرق الأوسط لون الحرب ، الدم و الشر ، أما عن الهند فاللون الاحمر رمز للعفة و القوة و الحب ، و بالنسبة للصين فاللون الأحمر رمز للسعادة ولذلك يعتبراللون الرسمي للأعياد و الاحتفالات في رأس السنة الصينية أو في الزواج.
أما في الدول الجنوبية من افريقيا فيمثل اللون الأحمر الحزن و التضحيات ، وقد يتم وضعه داخل علم دولة ما كدلالة علي التضحية التي قد قدمها الشعب من أجل الحرية و الاستقلال.
بينما ارتبط اللون الأصفر في الدول الأفريقية بالغني و الثراء فقد تم الربط بينه وبين لون الذهب والشمس المانحة للحياه و لكن اعتبرته بعض البلاد الافريقية الأخرى دلالة علي التغطرس و النفاق، و علي الرغم من إعطاءه نفس المعني في ثقافة المصريين القدماء ؛ إلا آنه ارتبط أيضاً بالموت نتيجة لاستخدامه في طلاء المومياوات وطقوس العزاء و التحنيط ، اما عن أوروبا فيمثل الأصفر لون الخيانه و الضعف ، ففي القرن العاشر بفرنسا كان يتم طلاء أبواب منازل الخونة و المجرمين باللون الأصفر.
ارتبط الاصفر أيضا بالسلبيةً في الصين ، فهو دلالة علي الإحتقار و الازدراء وغالباً ما يستخدموا لقب (كتاب أصفر او صورة صفراء) للتحقير من شيء أو إهانة بعض المواد الإعلامية مثلا ، علي النقيض من ذلك يمثل الاصفر بالنسبة لليابان رمز الغني و الشجاعة ، وخلال تاريخها منذ عام 1357 كان المحاربون يرتدونه كزي عسكري رسمي.
اما عن اللون الأزرق فيمثل لدول الشرق الأوسط لون الطمأنينة و السلام نظرا لارتباطه بعناصر الطبيعة . كما يعتبر لون المقدس بالنسبة للديانة اليهودية ، أما عن الدول الأوروبية فيمثل اللون الأزرق لون الشقاء و الحزن ، حيث تسمي حالة التعاسة والحزن بتلك الدول (حالة الأزرق) ، ويتضح ذلك جليآ في رسم الفنان الأسباني التكعيبي “بابلو بيكاسو” ؛ و الذي استخدم حالة الازرق في رسم لوحاته كأحد مذاهب الفن التعبيري بداية من عام 1901 بعد انتحار صديقه “كارلوس كاسيجماس” ، واعتبرته الصين لون الأنثى و الجمال ولذلك يتجنب الرجال ارتداء الازرق في ملابسهم في الصين.
بينما يعتبر اللون الاخضر بالنسبة لدول العالم العربي لون الربيع و الوفره نظرا لارتباطه بالنباتات و المحاصيل ، وفي الآونة الأخيرة اعتبر الأخضر دلالة مميزة علي الوعي البيئي واتجاه الاستدامة. وعلي النقيض يعتبره بعض العرب لون الطمع و الحسد ؛ ففي العراق تعتبر العيون الخضراء دلالة علي الحسد و الحقد. يعتبر الأخضر أيضا بالنسبة للشعوب الآسيوية لون يعبر عن الولادة الجديدة للإنسان و الإخصاب و الخير. ولكن علي النقيض تعتبره بعض القبائل التي تسكن الغابات الاستوائية رمز للموت.
أما عن الأسود ملك الألوان فقد ارتبط لدي الشرق الأوسط و البلاد الأوروبية بلون الخوف و الحزن و البطش ولذلك تتبناه داعش و الجماعات الإرهابية رمز لها ، كما تم استخدامه في الحركات الماسونية و جماعات عبادة الشيطان كزي أثناء المراسم و الاحتفالات الخاصة بهم. ولكن العمليات الصناعية امتلكت رؤية مختلفة عن هذا اللون ؛ فقد استخدمته الشركات الأوروبية و الأمريكية في الإعلانات المختلفة الخاصة بالمنتجات لما يمثله من رقي و قوة كما انه رمز للقيادة و التأثير علي الآخرين.
بالنسبة للون الأبيض ؛ فهو يمثل لون الوضوح و العفة بالنسبة للدول العربية و الأوروبية ولذلك يتم استخدامه في الأفراح و أعراس الزفاف ، وعلي النقيض يعتبر اللون الأبيض لون الموت و الحزن في دول جنوب شرق آسيا كما تنص الأعراف هناك علي ارتدائه في الجنازات.
كل تلك الاختلافات الثقافية دوماً ما رمزت إلي التنوع الإنساني و الحضاري الجميل بين الثقافات و الشعوب المختلفة ، وفهم من هو الآخر ، كيف تتشكل المساحات المشتركة وكيف يدير الإنسان من خلالها اختلافاته.. الإنسانية تكمن أينما توجد تلك الاختلافات وكيفية التعبير عنها بصورة فنية حضارية ، مما يشكل يقظة الوعي و تجدد الفكر و تطور الحياة.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.