القاتل قصة قصيرة يكتبها حسن عبدالهادي
يستعد بسيارته الأجرة “حمولة ١٤راكب” لاستقبال زبائنه،كان هذا في بداية عمله اليومي الساعة الثانية عشر صباحًا،و قد أخذ يُنادي على خط السير الذي يعمل فيه يوميًا باستثناء أيام الجُمعات..
بعد رفع الدعم عن المشتقات النفطية،وزيادة أسعار السولار،كان وزملاؤه أكبر المستفيدين،بالرغم من مقاومة الراكبين ولكنه نجح في تثبيت السعر،وضمن لنفسه أجرة بآلاف الجنيهات شهريًا،متخطيًا المديرين العموم في الوزارات والمؤسسات الحكومية الكبرى..
نظر إلى الدائرة الفضية المُحاطة بخنصره الأيسر،متذكرًا شجار أمس،زوجته تطلب المزيد من المال،لا تكف عن الطلب،لا تريد تركه ومعه شىء،يجب أن يكون على الحديدة -كما يقولون-وعل أمها أخبرتها أنها لو لم تفعل هذا لتزوج عليها،وهل يجرؤ أي زوج أن يلبي احتياجات زوجته المادية ليفكر الزواج بأخرى،هل هو من القادرين المُيسرّين ليفعل؟..
تبدأ العربة في الازدحام قليلًا،يأبى إلا أن تمتلأ عن آخرها بالرغم من ساعات الليل المُتأخرة،وإلحاح الركاب في الانطلاق بعد يوم عمل طويل،يستقل مقعد القيادة مستعدًا،يتذكر السم الذي دسه في مشروب زوجته وأنها شربته وخلدت إلى النوم،ستبدو الوفاة طبيعية،ويظهر صراخه ونحيبه عليها فجعة كأفضل ما يكون التمثيل،سيقوم أهلها بدفنها لإكرامها ولن يسمحوا لرجال المعمل الجنائي بفحص الجثة..
كل هذا من أجل المُخدر الأبيض الذي يتعاطاه ويحلق من خلاله في عالم آخر،لقد هددته زوجته بفضح أمره،بعد أن صبرت عليه كثيرًا،فشعر بأنها شوكة في ظهره وينبغي التخلص منها ليعود لحياته السامية،بلا قيود..
وأثناء شروده لمح ظل سيدة تعبر،ليضغط بقدمه بكل قوة لإيقاف سيارته المُسرعة ولكن سبق السيف الغزل،لقد صدمها وانتهى الأمر..
“حكمت المحكمة حضوريًا بالسجن المدعو (……) ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ وقدره(……)….رُفعت الجلسة”…
مرت سنون السجن بطيئة لا تريد الانتهاء وقد تم الإفراج عنه بعد نصف المدة لحُسن السير والسلوك،وعند استقبال أخته له وحديثهما عن زوجته الراحلة قالت عنها ” توفت المسكينة وفي أحشائها ابنك في الشهر الأول…ألم تُخبرك؟!”..
ولكنها وجدت دموعه تنهمر على وجهه في صمت،دون إجابة..
#جريدةالفكرالحُر