إنچي مطاوع تكتب أيها الأنيق


 

 

إنچي مطاوع
أيها الأنيق
..
أيها الأنيق..
وجه عابس، غضب عارم، مم؟.. لا أدري؛ أو أدري ولا أريد الحديث أو البوح بما يخنق صدري؛ فلا تبالي بما يحرق أحشائي ويتبخر ليتجلى على صفحة وجهي، هي أشياء مُعادة وستعاد بلا علاج أو أمل في صلاح، ضجيج يشجب رأسي نصفين، همهمات تشعل جنوني؛ لكنني..
أحافظ على ثباتي الانفعالي وهدوئي الخارجي، أجلس كملكة من رخام، وداخلي الكون يترنح سكران، تتساقط نيازكه فتتفتت أوصالي، تقع نجومه فتدور الدوامات داخل كرتي البصرية، تفلت شهبه فيضطرب القلب ويرقص هلعًا.
تفور البحار فتدور أفكاري ثملة داخل رأسي، غبار مشع يخنق رؤيتي فأدور حول محوري، الضوضاء تغمر مساحاتي وتستحوذ على أفلاكي، تخنقني الفوضى، أبحث عنكَ بعيني أيها الأنيق، ألمح نجمة صغيرة مسافرة بين السحب، تغريني للذهاب إليكَ، تقول من بين ضحكاتها السافرة:
“سأنقلكِ في لمح البصر إليه، فقط انطقي اسمه بحُب”، أفعل وأنا مغمضة العينين فتستقر نفسي لعبير وجودك، آه يا حلمي البعيد أفتقد دفئ عينيك…
أسألك بلا صوت..
لمَ لا تغازلني؟!
ألا أُعجبكَ؟!
هل تخشاني؟!
تلك الضوضاء تفعل دون خوف من ردة فعلي على سماجة مغازلاتها، فلمَ أنتَ لا؟!
ألأني أريدكَ أن تفعل؟!
يريحني صوتك، تعجبني يا وسيم، تسألني دومًا هل أبدو وسيم في نظرك؟! أجيبكَ من نرتاح لهم يمثلون الجمال في أعيننا، تثور بلطف:
“بلى أنا وسيم في نظر الفتيات، جميعهن يرتحن لوجودي”، فأبتسم وأصمت، لن أسقط في فخ تنصبه لأعترف بأني معجبة، لكن كيف أخبركَ بالفرق بيني وبينهن!
فإعجابي نابع من عقلي، وقلبي مرتاح يؤمن عليه بثقة، يعجبني فيكَ العقل قبل الشكل أو المنظر، يجذبني إليكَ جنونك العاقل، يعجبني فيكَ أني أراك شبيهي.
يخبرني شيطاني:
ذكي، لمَّاح، حساس ورقيق، أنيق، جذاب ووقور؛ هو ذئب يرتدي فروة خروف ويُخفيهما بجسد مفتول، هو شيطان متجسد في صورة ملاك، فأضحك في بهجة وأتمنى مناوشته ولكني أفضل السلامة، هذا الفاسد يعلم أني مثلك شيطان يمتلك أجنحة ملاك، فلمَّ أخافك وأبتعد عن دربك؟!
أسأل طيفك، كيف يعيش الذئب إن ملكَ قلب خروف؟، استلقى على قفاه، أمسك بطنه وهو يصرخ ويتوجع، وعندما سألته عما أصابه، عوى بوهن ثم همس وهو يشير للأعلى، حامض هذا العنب، هلا ناولتني بعض غذائك يا طيبة القلب؟
ضحكت فقد أراني كيف يكون المكر لمن ملك قلب ضعيف وجبان، اختفى طيفك وتركني وحيدة.
تدور روحي حول نفسي علَّها تخشع وتعود للقلب كما جسدي، تطالبها بأن تترككَ لحالك، لكن النفس تأبى، تبتسم وتدور حول محورها في دلال تصرخ في مرح، أريد اللعب معه، أريد الارتكان إلى جانبه، أريده أن يحبني بعقله قبل قلبه مثلي، أذهبي وأخبريه..
هلعت الروح وجذعت، تقافزت داخل شتى أنحاء الجسد الصامد بتبلد، وأخيرًا صرخت فزعًا:
لن أفعل سنندم معًا، بلى أنا من ستفعل وسأتعذب كثيرًا وبشدة، أنتِ لا يُعتمد عليكِ ستحرقيننا معًا، لا أريد حب جديد، لا أريد تجربة تعسة أخرى، لا أريد حتى حياة جديدة بنفس الحيثيات السالفة الفعل وجرت علىَّ ويلات لا قِبَل لي بمجابهتها مرة أخرى، لا أريد الموت، لا أريد الموت، أتسمعين أيتها النفس السقيمة؟!
أحب متابعة أفعالهم الصبيانية معًا، فتلك النفس الطائشة المجنونة نظرت إلى أختها الروح العاقلة المرتعشة بنظرة غضب حارقة تزجرها على ما تراه منها.
جبل من جليد تحاول إقامته على حدود مملكتها البرية، زفرت في ضيق: “أوف منكِ، بغيضة”، ثم انزوت بعيدًا تبكي وحدتها.
بشت الروح في وجهها لتعود وتلاعبها لم تهتم وتشاغلت بلا شيء، ناوشتها بالغناء زمجرت عابسة كنمر متوحش يستعد للانقضاض على فريسته، رقصت حولها وهي تصفر لحن الربيع؛ فابتسمت وانتشت فهذه إشارة، وقفت وهي تهز أفكارها وتداعبها بنصف غمزة معلنة:
“فقط حاولي، فرصة واحدة أريدها منكِ”، نظرت الروح نحوي وأنا أراقبهما فحركت حاجبي والكتف الأيسر وثغري تكسوه ابتسامة مشرقة؛ بما يعني ربما نفعل”.
فصرخت نفسي وروحي وعادا يمارسان شعوذة شقاوتهما، عادا يتيهان في اللازمان واللامكان كطفلين أغريَّن أهدتهما الطبيعة قطع أحجية تكشف أسرار وأعاجيب مخفاة داخل طيات الكون، وعدت أنا لواقعي، تحتل ثغري تلكم الابتسامة المشتاقة للفرح، والجسد أكثر ليونة متأمل بهجة على الأبواب تغسله وتنقيه، أفكاري وردية، خيالاتي مشرقة، وأنتَ أيها الأنيق تزين جدار العقل وتداعب بأصابعكَ أوتار القلب ليصدح لحن خفيض، لازلت لم أستوعب معالمه أو كنهه.
أنيقي صاحب الروح اللطيفة والنفس الماكرة، الليلة تغني نجومي لأجل عينيك أبهى الألحان الماسية، لتنهال كلماتي حبيبات لؤلؤ تُغرِق طيف الليل فينقشع خجلًا متواريًا خلف طيفك المشاغب.

أيها الأنيق..
أتكون ضيفي لحياة أتمناها هادئة، مسالمة، ودودة، يسودنا فيها تفاهم، تجانس، انسجام، يغمرنا حب عاقل، ورومانسية صاخبة، بعيدًا عن هذا البلد الكئيب، نكون فيها معًا عقلين ثائرين بجسدين هادئين، نفسين مشتاقتين بولعٍ، بروحين عابرتين للدنيا في وئام يقاوم أهوال هذه الحياة.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.