(جنة مصاصي الدماء)
عبير مصطفى
وفي زمانٍ آخر غير زماننا هذا.. يقال أن بني البشر كانوا سعداء، كانوا يغزلون الحلم من ضفائر الشمس، يتنسمون همس الأماني وسط الغابات، يصطادون ألوان الفراشات، يقتاتون على وشوشات العصافير، ويطاردون سُحب الشوق بولعٍ عند تنفس الفجر.
أسمعكم تتساءلون عمَّ كان يخيفهم… فهل يمكنكم التوقع؟
ماذا..؟ أفشلتم في التخمين؟؟
تخيلوا أنهم كانوا يرتعدون من الحديث عن مصاصي الدماء نهارًا. وقرب الظهيرة.. يحوقلون من طاردي الأرواح الشريرة. كانوا يخافون من اكتمال القمر ليلًا، يلزمون بيوتهم وقتها ويترقبون قدوم المذؤوبين في وجل… كان ذلك ما يخيفهم ويملأ قلوبهم هلعًا… أتصدقون ذلك؟؟
فكيف الحال إذًا إن أدركوا زمن مصاصي الأنفس؟ مخثري الدماء بشرايين النبض… مَن يقتاتون على أحلام قلوبنا في شغف… أتراهم وقتها كانوا سيجرؤن على الحديث؟
ماذا لو قابلوا طاردي الأرواح المغرمة؟.. صائدي دقات الأماني.. مزهقي شغاف الهوى… أيحوقلون حينها؟ أم ينفرون فرار المجزوم منهم؟
وفي الليالي المقمرة… كيف يتقون قسوة لسعة الحنين لساكني القلوب؟ أولئك القريبون نبضًا، البعيدون أرضًا… بأي شعورٍ وقتها قد يلتحفون؟ وأي دثارٍ يقيهم وخزات الشوق لمن لا سبيل إليهم؟؟
أي خوفٍ نستشعره ها هنا، في ليل الشوق الضارب في سواد البين، وأي فزعٍ يقتلع أرواحنا بينما تصارع أيادينا رياح الابتعاد، وتدمي أرواحنا أشواك التنائي..؟
أوَ بعد كل ذاك ما زلتم تتساءلون لِم تصبُ نفسي لزمانهم القديم؟ ولم يتوق نبضي لتلك الأيام؟ حيث جنة مصاصي الدماء، وسحر أوجه المذؤوبين…
أيضاهى كل ذاك بما تقاسيه نفسي من خوف التصاق الروح بلحظات الحنين ؟؟
لا أظن…
فما ظنكم أنتم؟
إمضاء/ روحٌ تهفو لزمانٍ آخر
#جنة مصاصي الدماء
#عبير مصطفى