أحمد إبراهيم حشيش ( مذكرات زوجة )


أحمد إبراهيم حشيش
( مذكرات زوجة )
كانت الساعة تدق معلنة منتصف الليل و ( مها ) تدلف إلي فراشها وقد فقدت القدرة علي الإحساس من شدة التعب ، كانت قد انتهت من الحرب العالمية اليومية والتي تبدأ مع شروق الشمس حيث توقظ زوجها للذهاب لعمله وهي تسرع لتجهيز طعام الفطور له و إعداد ملابسه ثم بعد خروجه تذهب لإيقاظ الأولاد للذهاب إلى المدرسة و كل هذا وعقلها لابد أن يكون مستيقظاً لكل صغيرة وكبيرة ولكل شاردةٍ و واردة ، ثم بعد خروج الجميع تبدأ في تنظيف البيت وتهويته وإعداد طعام الغذاء و انتظار الجميع ،، وحتي بعد انتهاء اليوم وبعد ذهاب الجميع إلي الفراش لابد لها أن تكمل المعركة حتي النهاية فبعد انتهاء المارثون اليومي كان المطبخ يناديها حيث امتلأ بالأطباق التي تحتاج الي غسيل و و إلخ . و بجانب ذلك كله كان يجب عليها أن تنظم الكيان المالي للأسرة حيث أن زوجها يضع في يدها الراتب الشهري ويترك لها تصريف الأمور حيث أنه يستهلك طاقته كلها في العمل ويعود مرهقا فلا يستطيع أن يدير الأمور الماديه مثلها ،،
كانت لديها حنكة ومهارة عالية اكتسبتها من والدتها الراحلة في جعل الراتب الضعيف يكفي البيت حتي نهاية الشهر وكانت فوق ذلك تحرص علي رونقها وهيئتها بصفة دائمة حتي تبعث في نفس زوجها البهجة والسعادة ،، تذكرت كل هذا وهي ترتعد من شدة التعب والإرهاق وقد ساورها شعور بأنها أشبه بالجندي المجهول الذي يموت في الحرب دون أن يشعر به أحد وأنها هي فقط من تذبل من أجل اسعاد الجميع وأنها حتما ستخسر صحتها وستنطفئ ذات يوم تماما مثل الجندي المجهول !!
لكنها توقفت فجأه وكأنما أفاقت من وهم سخيف أو بمعني أدق وسوسة شيطانية خبيثة وقالت لنفسها مبتسمه :- ويحك كيف لم تنتبهي للنعم التي أنعمها الله تعالي عليكِ يا ( مها ) أنتِ زوجة وأم وغيرك حُرم هذة النعم ولقد جعل الله تعالي الجنة التي هي محط أنظار المؤمنين والتي يبذلون من أجلها النفيس والطيب تحت أقدامك !!
واستطردت قائلة لنفسها :- إن الأمهات في البيوت هن الأرواح للأجساد و لن ينصلح حال المجتمع إلا بصلاح البيوت وكل هذا التعب والإرهاق الذي أشعر به سيعوضني الله تعالي عنه خير الجزاء في الفردوس الأعلى من الجنة و سأكون راضية وسعيدة بأسرتي التي لم أبخل عنها بأي جهد أو طاقة ،، وأسبلت عينِها في سعادة وقد قذف الله جل وعلا في قلبها سكينة وراحة بال .

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.