ديرار منصوري يكتب: قتلني غيابك


ديرار منصوري يكتب: قتلني غيابك
قد مر شهران وست وعشرون يومًا وإثنان وعشرون ساعة وثمانية وثلاثون دقيقة على آخرِ لقاءٍ جمعني بكِ، ربما مر أسبوعان على آخر رسالة فيها “أحبك”، قد مرت أيامٌ وها أنا أصارع السهر وحيدًا ملقى على سريري، وكل تفكيري مشرد بكِ، لم أقدر على نسيانك ولو لحظة.. أتعلمين هذا؟.. لقد اشتقتُ لكي.. أتسمعين أنيني لوقتٍ متأخرٍ من الليل؟.. أتحسين بوجعي وبكائي منذ اللحظة التي غادرتي فيها عنّي؟..
لا أعلم كيف أقضي يومي بدونكِ لا أعلم؟.. أظل دائمًا أضحك، وأحاول نسيانك لكن لا أوفق.. جل وقتي أقضيه بجنب عائلتي قبل عودتي للمدينة التي أدرس فيها، نظل نضحك بالصباح، أجهّز فطور الصباح ونأكل مع بعضنا البعض، ونتبادل أطراف الحديث، الضحك، النكات، المزاح، الذكريات وبعضًا من العناقِ والقبل.
عند الزوال بعد ذهابي للمسجد أقرأ سورة البقرة، وأظل أشاهد التلفاز مع أبي في الصالون، تارة نشاهد أخبار البلاد ووضعها الوبائي، وتارة أخرى نبحث في القنوات الرياضية على مبارة مشوقة وساخنة؛ نمضي بها السهرة مع بعض من الشاي الساخن الذي تعده لنا أمي، وبعض الفُشار الذي تعده لنا أختي الوسطى.. لكن ما أن ألقي نفسي على فراشي إلا وأتذكّركِ، وأعلم أننّي كنت في حلم وكأنّ كل يومي أصبح بمثابة حلم أستيقظ منه..
يا للعجب!.. كيف بمقدرونا أن ننسى أو أن نغفل على من نحب، ونوهم أنفسنا بأننا قد نسيناه بمجرد ملئ أوقات فراغنا بالعمل، واللعب، واللهو، ومقابلة الأصدقاء؟!..
كيف لك أن توهم أو تخدع من حولك بالضحك واللهو وأنت من الداخل تتألم، مشاعرك متجمدة، قلبك يحترق، ينزف، يبكي، يتوجع ويحتضر من كثرة الآلام؟!..
لما نعطي كل هذا ولا نحظى بأي شيء؟!..
تدور في خاطرك فكرة أن تنعزل وتبقى وحيدًا بعيدًا عن أي وجعٍ ثانٍ قد يتسبب بهلاكك.. ففي الحقيقة لا مفر منكِ ولا مفر من اشتياقي لكِ.. لا مفر من كتماني، وسكوتي، ولا مفر من تركك.
فجوة في قلبي أشبه بالفجوة الرقمية المحدثة في العالم؛ فكل يوم أحاول فيه نسيانك أجد نفسي أتصفح رسائلنا القديمة، تارة أضحك، وتارة أتألم.. أتصفح صورك وفيديوهاتك التي خزنتها عندي ولم ولن أوفق في مسحها من هاتفي.
 ديرار منصوري
تدقيق لغوي/ شيماء جابر
الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.