إليكِ رسالتي الستين بعد المائة الخامسة:
كيف لديجوري مثلي أن يحب قطة متشردة مثلك؟ لم يكن لي أن أحبك دون رؤيتك، إنما أحببتُ وصفا نسجه لي خيالي المريض على مدار ليالي عِدة، وأنت تعلمين هوسي بالخيال، سيظل ما قلته مجرد كلام لم يكن له أن يقال، إلا أنك حملتيه على وجه الحقيقة، لم أكن أخاك يوما، إنما هذا قرار تولَّد داخلك لا إراديا، وهو نَتاج أفعالي الغريبة وشخصيتي الغامضة، ولا ألوم عليك ذلك، إنما ألوم الأيام التي جمعتني بك.
تعلمين انعدام مشاعري وملامح شخصيتي من البداية، لم أفجعك أو أخدعك يوما في نفسي التي أحطتِ بجميع جوانبها، لم يكن حزني على فراقنا قدر حزني على تهدم بناء جميل نسجناه سويا على أمل أن يكتمل، لكنها النهاية المشئومة لكل من لديه جرعة مفرطة من الأحلام، ما يدهشني هو عقلك الذي يحدثك دوما أن فراقك لا يعنيني فكيف بوجودك؟ لأول مرة أدرك أني بلغت من النضج أكمله ومن العقل أبلغه، لطالما ظننا الفراق محالا إلا أنه صار حقيقة وواقعا نحياه.
حبي الإنصاف يمنعني من اتهامك بكراهيتي، قد تكون أحببتيني بالفعل إلا أن الظروف ونوائب الدهر حالت دون ذلك، لكني صادق في كل كلمة تلفظت بها، إلا أن مشكلتي الوحيدة كانت في تشتتي المستمر، وهذا كفيل بالقلق ناحيتي، تغيُّري في المعاملة ما هو إلا نتاجٌ طبيعي لما آلت إليه أمورنا في الآونة الأخيرة، من المُحال أيتها التي أجهل كُنْهَكِ أن يظل تعاملنا على وتيرة واحدة بعدما قضيتِ على براءة الطفولة داخلي.
هوِّني عليك، أعلمُ جيدا وقعَ غرابتي معك على صدرك، إلا أني لا أملك سوى أن أرقب انتظار رحيلك وأنت تلوحين بيدك مودعة، ولا تقلقي بشأني، أنا بجانبي، لعل بصمتي داخلك تؤرقك قليلا، لكن ثقي أننا ما كنا سوى فترة لا أثر لها سوى بعض الندبات الموجعة، أما عن ذكرياتنا فلا يليق بها سوى البتر ومحوها؛ لتستقر في مثواها الأخير في طي النسيان، لم تكوني مُلهمتي في الكتابة وَحدكِ، لكنك استطعتِ احتوائي حقا ولو لبعض الوقت، ولا أنسى لك ذلك.
انتصاري لذاتي وكبريائي يمنعني من أن أعدك بالعودة هذه المرة؛ فالصدمة لم تكن هينة أبدا، وليس لي أن أراك غريبة نائية عني وأتشبث بك، لستُ من يُضحِّي وينوح على الخسارة كما تنوح الأيامَى، أدركتُ حقا أن ما بداخلي لا يُجاوِزُ صدري، لعلك دخلتِ عالمي الخاص ودياجيري المليئة بالغموض والأسرار بكامل إرادتك، وتركتُ لك حرية التجول فيها _ الأمر الذي لا يفعله غيري _ إلا أني لا أملك الآن إلا تركك تعانين الوحدة ولواعج الغربة وأمضي باحثا عن نفسي وأشلائها التي تشتتت، مرَمِّما ما تبقى من روحي، عائدا لبوتقتي وعزلتي بسلام.😌🤚
#دياجير