قراءة في كتاب ( في الشعر الجاهلي) لعميد الأدب العربي طه حسين

قراءة في كتاب ( في الشعر الجاهلي) لعميد الأدب العربي طه حسين

قراءة في كتاب في الشعر الجاهلي
لعميد الأدب العربي طه حسين

المقال الأول
من لايعرف طه حسين جيدا. ومضى مع مسيرته الأدبية والفكرية ومراحل تطوره الثقافي والفكري.
سيقسو برأيه على كتابه هذا عندما يقرأه لأول مرة. كما فعل سابقيه.
طه حسين هو ذلك الصبي الذي تمرد على مناهج الأزهر وعلى شيوخه من طرق تدريسهم لمناهجه.
وسارع بالإلتحاق بالجامعه المصرية (جامعة الملك فؤاد) وقتها منذ نشأتها.
وكان هو أول من تخرج من الجامعه المصرية منذ إفتتاحها وأول رسالة في الدكتوراه تناقش بالجامعه كانت رسالته بعنوان (تجديد ذكرى أبي العلاء المعري).
ولم يكتفى الدكتور طه حسين بشهادة الدكتوراه بل طمع في المذيد من تلقى العلم من الغرب. فوافقت الجامعه علي سفره إلى فرنسا لدراسة التاريخ بعد عدة محاولات منه قُبِلت بالرفض في أول الأمر. وفي فرنسا تأثر الأزهري بفكر الغرب وفلسفته وخاصة ديكارت الفيلسوف الفرنسي صاحب منهج الشك.
وعاد من فرنسا بأعلى الشهادات العلميه ومعه رؤى حول مستقبل الثقافة في مصر. فهو من قدم كتابه الرائع (مستقبل الثقافة في مصر). وهو من أقر مجانية التعليم وقال مقولته الخالدة التعليم كالماء والهواء. وهو من ساهم في إفتتاح جامعه الإسكندرية وعين شمس وإفتتاح كليه الأداب.كان مدافعا عن اللغة العربية وهو من أعاد رونقها في كتاباته الأدبية والفكرية. وقال أيضا لا أدب إلا أدب الفصحى. وهو من قال أيضا لايمكن للشعوب العربية أن تتوحد إلا بالفصحي. حتي لقب بلقب عميد الأدب العربي.
وتنوعت مؤلفات العميد من الروايات والقصص القصيرة. وهو صاحب أعظم كتب السير الذاتية في العصر الحديث عن روايته (الأيام) التي قص فيها عن حياته.
وله مؤلفات فكرية عديدةمثل كتاب (مستقبل الثقافة في مصر) ويعتبر من أفضل الكتب التي وضعت رؤية منهجية للنهوض بالتعليم في مصر بل في العالم العربي والإسلامي.
وله مؤلفات نقدية في الأدب ومؤلفات دينيه يقر بها كبار الشيوخ مثل على هامش السيرة والشيخان والفتنة الكبرى وغيرها.

هذه نبذة مختصرة عن صاحب الكتاب الشائك (في الشعر الجاهلي).

فكرة الكتاب

الكتاب عبارة عن بحث يقدمه العميد حول صحة الشعر الجاهلي الذي بين أيدينا. ويقر بأن النصوص الشعرية التي يعتبر في أنها من عمل شعراء جاهلين كانوا متواجدين قبل ظهور الإسلام. مشكوك في صحتها. وهو مايجعل منها نصوص لايصح إتخاذها وثائق تاريخية أو لغوية.
وأن الأجدر والأنفع أن نتخذ القرآن حجة على صحة الشعر الجاهلي وليس العكس.

وقبل الخوض في موضوع الكتاب لابد أن نذكر ما الدوافع التي أدت بالعميد أن يتطرق إلي هذا الطرح الشائك.
الدوافع كثيرة منها بسبب دراسته للأدب الفرنسي وتعلمه اللغة اللاتينية وقرائته للنقد الأدبي في الشعر اليوناني القديم وتوصل النقاد إلى أن حقيقة شعر هوميروس وهيروديوس والألياذة والأوديسا ماهي إلا حكاوي شعوبية وقصص أسطورية وبالمنهج الديكارتي (الشك) وصل هؤلاء النقاد إلى تلك الحقائق.
ويذكر (داعيا القارئ إلى أن يقرأ من هذه الكتب الكثيرة التي تنشر في أوروبا والمهتمة بتاريخ الأدب اليوناني والروماني. وبعد ذلك يسأل نفسه هذه الأسئلة
ماذا بقى مما كان يعتقده القدماء في تاريخ الأدب.
“أحق ماكان يعتقده القدماء في شأن الألياذة والأوديسا؟
أحق ما كان يتحدث عنه هؤلاء القدماء في شأن هوميروس وهيروديوس وغيرهما من الشعراء القصصين؟
أحق ما كان هؤلاء القدماء يتخذونه أساساً لسياساتهم وعلومهم وآدابهم؟
بل وحياتهم عامة من أخبار اليونان والروماني)

وفي هذا السياق ينبه العميد بعد الوصول إلى إجابات لهذه الأسئلة. إلى أن القارئ سوف يجد فرقا بين ماكان يكتبه القدماء، وما يقره المحدثون. وذلك بسبب إستخدامهم للمنهج الديكارتي الذي قلب موازين الأشياء.

وعلى ضوء ذلك كتب عدة مقالات كان أبرزها مقالة نشرها بمجلة السفور سنة ١٩١٥. أنكر فيها شخصية الخنساء وشك في الشعر الجاهلي. وهو ماحدث قبل نشر مرجيلوث لمقالته بعشر أعوام على الأقل.

هل كان طه حسين هو أول من تطرق إلى موضوع إنتحال الشعر الجاهلي.

لقد سبق طه حسين كثير من المستشرقين إلى هذا الشك مثل تيودور ندلكة الذي كتب مؤلفه سنة١٨٦١.والفرت سنة ١٨٧٢.وجولدتسيهر ١٨٩٣.
وأخرهم الكاتب الإنجليزي ديفيد صمويل مرجيلوث سنة ١٩٢٥.قبل صدور كتاب في الشعر الجاهلي بعام واحد.
وهذا الكاتب مرجيلوث أُتِهم طه حسين بالسطو علي مقاله وقام بنسخ أفكاره في كتابه الشائك في الشعر الجاهلي.
هل العميد إنتحل أفكار مرجيلوث في كتابه (في الشعر الجاهلي). وهل سبق أحد من المفكرين العرب القدامى طه حسين ومرجيلوث إلى الشك في صحة الشعر الجاهلي.
هذا ماسنقوم بطرحه في المقال القادم إن شاء الله