ميادة منير تكتب “ونمضي…”
ونمضي…
فجرٌ كلَيلِ المَرايا يُطل على ذاته، يُبقي في فؤاده صوتًا ربما لم تتحرك موجاته يومًا، فما كان ذا إنصات، ولم يكُ مسموعًا إذ حيث تكلم!
الروع جارٍ في مجرى الزمان كدرة منثورة، ترتاع الرياحَ خشية أن تُسقطها في بحرٍ لُجَّي تولج فيه وربما تغيب أبدًا، براقة كأنها أخذت من جمال الحياة لذة النظر إليها، ومن تحفة الكون ما زاد رونقها فما استبْقت من لهو، ولا خضعت لذي مرجأ.
تصير إلى الدجى إذا ما تخلف بزوغ يومٍ أغيمت شمسه، وصار ضحاها لا يُعرف من بِكر، تضيع حكمتها بين فهرين أمسكهما شيء في جوف ليلٍ آخر أبْسَل الأمنيات لئلا ترى غيره، فأزهق نفس الأحلام كيلا ترمق سبيلًا لا يُنادى باسمه، شيء أملقته الخطوب حتى تعطبت جوانبه، ومالت ركائنه، ورُمست تحت الثرى فرائسه.
ونمضي، فما اندثرت إلا أفكارُ لا أردنا لها الرواء ولا مُكثًا في حدائقنا. أيتها النفس، أبقي على العهد مهما اندثر، مهما بعثره الهوان، مهما طويت من دونه الصحف، فوالذي نفسي بيده ما هان فيك شيء رغمًا إلا واستحال نصرًا محققًا.