إنجي مطاوع
خيال فتيات
«شهرنان».. قصتي أنا أغرب من الخيال.. لا، بل هي واقع تُعايشه المئات من الفتيات على الرغم من ظن البعض أنه خيال؛ فصديق حبيبي يتقرب مني يفعل كل ما أرغب ويتمنى لرضاي النيل، يسعدني بأمور كثيرة، يحزن لحزني وأكثر، يتقرَّب بحنان واهتمام محببين، يحاول دومًا على الرغم من الصد والهجر الباديين مني!
أما حبيبي فهو مبتعد عني، مُتجاهل مُتنكر مُتخفٍّ، وكأني قميصه ذو اللون الأجرب يعاملني، أعاتبه وأجرح كرامتي بمباشر لوم وعتاب، أحدثه كثيرًا وكثيرًا، لكنه دومًا يعلم كيف يُلهيني بالكلمات لأصمت وأنسى، ثم يعاود الكرَّة.. لأموت بداخلي مرات ومرات بجنوني، أعاتب فيكرر كلماته بحنان يأسرني، تأخذني معها لعنان سماء الحرية وغيمات الأمطار تسكنني، لتنير سحب السماوات نهاري، أرى نجومًا لامعة وكواكب ونيازك منحنية بجلاء لي..
معه أعيش حياتي كأميرة أو ملكة لخيالي وقت صفائه، لكنه دومًا صعب قاسٍ لا يراعي حبي، يثير غيرتي والرغبة لتملك قلبه بسكناتي وخلجاتي، ماذا أقول؟ ماذا أفعل؟ أيعجبك هذا؟! ها أنت قد أثرت جنوني وتبعثرت مني كلماتي، حبيبي.. لا تجعلني رجاءً أقارن بينك وبين سواك، ظالمة مقارنتي لهم ولك، فالخاسر أنت، على الرغم من ذلك متملك لقلبي، مسيطر على عقلي، روحي مستباحة منك، القواعد لك دومًا تُخالف لتفوز بجدارة، فبكل هدوء أغيِّر قواعدي لأمنحك النصر.
يا بشر.. يا «شهرنان».. ليخبرْه غيري بمراعاتي، فالحب على الرغم من جماله متعب صادم قاسٍ، وأنا منه لا أريد إلا أشياء بسيطة: عمره، والروح ملك لي خالصة صافية، هذا فقط والحب الكامل وحياته.. أَليست أشياء بسيطة؟!
معه أشعر بسعادة ولحظات مريحة، محادثات تنسيني العالم والدنيا، أوقات قليلة متفرقة تعوِّضني حرماني من حب يمثل حب العمر بقلبي، يجعلني أعيش لحظات تنسينا معًا آلامًا توجعنا، لكن أبدًا من داخل قلوبنا لن تزيل ما حدث من جرَّاء استئصال غاشم لوجوده بحياتي بعنف ونذالة.
الأمر ببساطة محاولة للالتفاف على شيء حادث يؤرقنا، استمرار لحزن لا سبيل للفكاك من براثنه وشباكه، ما يقتلني صراعي مع نفسي، فأنت الحبيب وأنت المُنى، لكن النصيب ويدك قد حكمتما، أنت هناك وأنا هنا، وآه من قدرٍ قد حكم، يتعبني نداؤك على الرغم من البعد وإعلانك حبي وغرامي وتعذبك بفراقي، لكن ماذا أفعل يا مليكي المنادي بعذاب من بعادي وكل هؤلاء النساء بعالمك؟ تجعلني أتساءل: أتبيع وتشتري كسلطان قد ملك صكوك الغرام، أم أنك هارون العصر الحالي ومِن الجواري الحسان قد وُهِبت؟ أورودهن تَشُمُّ وتختار بتنوع ماسًا وذهبًا؟ أتعيش الحياة متنعمًا كملك يأمر وينهى، يقرِّب وينفي؟ كل هؤلاء الحسان بحياتك وتدعي الفقر دون الحبيب المغترب!!
تستغل سلطانك وصك حبك بقلبي لتؤثر في قرار نصيب قد حكم، تعلم أن في عينيك عالمًا أعيش فيه عصور غرام، آتيه وأضيع بين أودية وجبال هيام تسكنهما، أغرق ببحار ناعمة من موج حنان ارتواء يحويهما، في عينيكَ رياح تقتلع أحزاني لتتركني طفلًا وليدًا بأجوائك.
في عينيك غابات تخبئ آهاتي وترسل لي فرحًا يعبِّقني، في عينيكَ دُفٌّ ومِزمار يُسلِّيانني لتنطلق من جمر بوحي أشهى الألحان، بهما حب وسهاد يغمرانني، يُنسيانني الآلام، في عينيكَ عاشقة للغرق مستسلمة لا أريد حتى تنبيهًا مِن غافلٍ مَرَّ لينقلني لواقع الأيام، من حبكَ وهواكَ الغالي أنهل شهدًا لتنير حياتي، أنت عطر أيامي وخمر ليلي الحلال المحترقة بوحدة هجر وفراق.
لكن.. أهذا إغراء كافٍ لأنسى واقعك وأعيش داخل أوهامي لأُجرح ثانية بأفعالك؟! هذا صراعي مع نفسي قرب قاتل أو فراق يعذب، حب خائن أم حبيب ضعيف؟ أقترب متناسية واقعنا، أم أبعد لأُنجي عقلي من هلوسة صراع دون طائل؟
آه منك حبيبي، أخرجني من هذا المأزق، اخترتَ البعد مرة، فلِمَ عدت لتشاكس قلبي وروحي من جديد؟ أتحبني أم أنا تسلية لوقتك بحب قديم؟ لم أعد أدري أو أستوعب أحداثي!!
تعبت وتشتَّتَ التفكير بين ما أحب وأريد وما أنا مضطرة لمعايشته يوميًّا في حياتي، أحب غادرًا يتباهى بغيري وفي الخفاء ينادي بحبي، ولا مجال لأحب شخصًا آخر ينادي ليل نهار بحبي.
حبيبي.. لستُ بديلًا ومُسكنًا، سُحقًا لك!! فأنا لست ببديل عنها، لستُ بِمُسَكِّن تنسى به أحزانك أو غدر أصفيائك، ارحل بهدوء ولتأخذ لعبك، حبك، كلماتك، أشياءك، لا يلزمني شخص منقوص مبتور يتلوَّى في جراحه.
لست بدواء لعصفور مذبوح يئنُّ بمشاعر قاتلة، ما زالت تتأرجح بتذبذب بين كنت وأكون.. يا الله، لِمَ أفقد إيماني بربي ولا أمتطي صهوة حصان بري جانح أشعث يجري دون لجام وفي مدار الدنيا يقيدني، هائمة دون دليل أو نقطة وصول لأشيائي حبيباتي؟! لا أرغب بتنين خلفي يقذفني بلهيبه في كل أوان ومكان، اذهب يا هذا، لا أرغب بأنصاف رجال، فهو أمر يثير الغثيان، أتهرب من تَخَفِّي ودهاء تلوُّن الحرباء لتقذفني معها دون مبرر في حرب شعواء؟
لستُ ببديل ومُسكن مُطيب، فكل هذا هباء.. وهيا أخبرني، لِمَ أحضرت هذه الثالثة؟ أتتلاعب بنا؟ أتخبرني بأن هناك من تعشقك، من تهيم بأرضك.. بسمائك وضيائك، من تعشق تراب قدميك وهواء أنفاسك المعطِّر للروح؟
أتحطمني بها لأهدأ وأعود لصقيعي مع أدراج الرياح؟ أهداك عقلك لقتلي بغيرتي واستخدم أغبى سلاح؟ أتريد مداواتي بالتي كانت هي الداء؟ أذاك صحيح؟! أتعتقد أنه لا يفل الحديد إلا الحديد فتتركني أراها؟ سُحقًا لك!!
لِمَ تقسو؟! تعلم أن القلوب بيد خالقها، ما أشد قسَوتكَ! القلب معك يومًا ويومًا آخر سيذهب عند الله، يالغبائك يا رجل!! أتعتقد أنك ستجمعنا بحبك؟! أنعالج ما بنا من مشاعر بعيدًا عن عالمك؟! لِمَ أحضرتها لتعذبني وتعذبها؟ ماذا دهاك؟!
أيا ربي.. ثبِّت عقلي وارحم قلبي من غباء مشاعر وأحاسيس. أيا ربي.. رتِّب فوضى غرام استعمر قلبي. ربي احمِني من شرور تتملك نفسي، ألهمني الهدى والعقل الرشيد. يا ربي.. ارزقني من يأخذ بيدي لطريقك القويم.