حنان خالد تكتب “فقدان المرء لنفسه”
فقدتُ للتو جزءً مني أتريد أن تعلم كيف!
ألقى بهذه الكلمة على مسمع شخص أمامه ينظر إليه بعينين تقدحان الشرر ويتطاير عنهما الشر الذي كان يود أن يكتمه داخله فأومأ له برأسه كي يتابع حديثه فأشعل السجارة المائة لهذا اليوم ووضع في فمه يريد أن يكتم بها ما يراوده من شعور برغبة عارمة في البكاء ويُذهب عنه الغصة المؤلمة التي زارته للتو أكثر من مرة ولكن كل هذا لم يُفلح فصمت مليًا وأمسك بالمضغة في منتصف صدره المائلة إلى اليسار قليلًا وكأنه يريد أن يكتم تلك الدقات المتزايدة والتي تلتقطها أذنه وأخيرًا خرج عن صمته المرير وقال : أتعي معنى أن يفقد المرء نفسه؟!
أن يضيع تارة بين ما تهواه نفسه وما يهواه هو وتارة بين الهزيمة التي يتلقاها في كل مرة يشعر فيها بالحنين أن يعتصر قلبه من شدة الألم فيفقد قلبه ويبقى المرء دون قلب… ميتٌ…جثة هامدة أن يفشل في كل مرة يحاول فيها التغلب على مخاوفه أن يستهزء به كل من يراه ليس لأن به عيب ما بل لأنه يحاول مملوءً بالشغف أن يلقي صفعةً تحية على وجنتيه كلما حاول الاقتراب من شخص ما أن يفتقد مذاق الشهد ويعتاد مُر الخذلان القابع في فمه، كل هذه الأشياء تعني أن المرء من الممكن أن يفقد نفسه.
عاد للصمت من جديد وقد هدأ بعض الشيء ولكنه أحس بظلام مُوحش يلتف حوله….ظلام دامس…غربة تجتاحه بين أفراد وطنه…ولكن هذا الظلام لم يكن سوى العين التي يرى بها نفسه خلال المرآة ماذا أصبحت وماذا فعلت بنفسي؟!
ظلت الأسئلة تتجول في عقله أثناء تجوله في غرفته ثم توقف فجأة عن الحركة ونظر إلى المرآة وقال : أنت…أنت السبب في كل ما يحدث معي أخبرني من أنت؟ مجرد شخص يشبهني ولكنك لست أنا..أنت مجرد نسخة سخيفة جعلتني أفقد نفسي ثم تهاوى مرتطمًا بالأرض وهكذا هلك وهو يشعر أنه في وطن غير وطنه.