هناء مطر تكتب رسائل مابعد الفقد1


 

عزيزي الغائب الحاضر “أبي” مساء الخير ولا خير بدونك
الساعة الآن تدق دقائق فقدك
سأخبرك عن حالي بعد الفقد وما لم أقو على تحمله

صدقني فلم يخامرني شك في أن موعد رحيلك قد أتى
الوقت بدونك يمر ثقيلاً بطيئًا، كل شيء حولي يسير ببطء سلحفائي رغم أن الوقت زئبقي ومر على رحيلك أسبوعان
أشعر أنني في كابوس مزعج أو ربما هي كذبة أبريل/ نيسان أعيشها بكل صدق

أبدو مشوشة، الأرض تهتز تحت قدمي، وظهري عاري تمامًا
وعكازي في الحياة سقط من يدي

أجلس وحيدة في هدأة الليل والحزن ينهش روحي ويجعل قلبي ينكمش حتى الموت

استيقظ في هذا الهزيع الأخير من الليل في تمام الساعة الثالثة والنصف صباحا كما تعودت، أنظر إلى مضجعك؛ أتأكد أنك لا تحتاج إلي، لا تحتاج إلى شربة ماء، غطاءك يحميك من برد الليل ، أنفاسك أسمعها وأعدها بين حين وحين خوفا من أن تقل عن كل يوم؛ أطمئن أنك هنا معي ولم يأخذك الموت مني

ثم أعود إلى غرفتي، أتقلب في فراشي، نومي متقطع كعادتي وفجأة أقفز سريعا وأركض إليك
صوتك مازال في أذنيُ ينادي:- أريد ماء
لتفتح عينيك فتجدني بجوارك؛ تطمئن كطفل في أحضان أمه

أتذكر آخر حديث بيننا حينما أخبرتني:- اغلقي النافذة أنهم يأتون منها
_من؟!
لا أعلم من هم ولكنهم يأخذون الخبز

لقد تبينت جيدا أنه كُشِفَ عنك غطائك وبصرك اليوم حديد
الأموات وحدهم هم من يعرفون الحقيقة كاملة ولكن هناك من يضع إصبعه على ألسنتهم وشفتيهم كي لا يكشف السر أبدا

تخبرني عن سكرات الموت، وأن أحدهم يكبل قدميك؛ أحاول إبعاد قدميك عن بعضهما فتقول والتفت الساق بالساق

أبكي وأقول لك:- لا ترحل وابق معي أحتاج اليك
تضحك وتقول لي:- أنا راحل، ألم تشبعي مني؟!
بلى، لم أشبع منك بعد
ولكنك كالومضة رحلت

ثم يطوف ببالي حديثك عن العبد الصالح”سيدنا الخضر” وبر الوالدين ودعواتك لي تلازمني” تشربي من الجنة ابنتي”

في الساعة السابعة صباحا أحول التلفاز إلى إذاعة القرآن الكريم كما علمتني، أضغط على رمز الموسيقى🎵 في الريموت كنترول
ونستمع معا لصوت القارئ الشيخ محمد رفعت وهو يرتل القرآن الكريم
ثم أدير التلفاز على قناة القارئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد” شيخك المفضل”

افتقد صوتك وأنت تقول لي:- أذاهبة إلى عملك اليوم؟!
_نعم

ثم تنظر لي نظرة طفل لايريد رحيل أمه بعيدا عنه وتقول:- طب خلي بالك من نفسك

اه، نسيت أخبرك أنني وضعت مصحفي فوق رأسك بجوار مصحفك ووجدت مصحف جدي وأقرأ لك كل يوم
سورة البقرة معي كل يوم كما طلبت مني
ترى شعرت بقبلتي على رأسك وقدميك؟! أم كنت في عالمك الآخر حينها؟!

أبي
افتقدك جدا، ألم تفتقدني بعد؟!
لِمَ لا تزورني في أحلامي كما زرت الجميع؟!

يقولون لي:- إذا كنتِ تريدين رؤيته؛ توقفي عن البكاء

ولكن كيف؟!
قلبي يتمزق، روحي عالقة مابين السماء والأرض

أتذكر يوم غناءك معي؟!
وجدت تسجيلات بصوتك وقد مر عليها عام كامل، كنت قمت بتسجيلها خوفا من رحيلك وها أنت رحلت وتركتني وحيدة واستمع إليها بدونك

أجمع الآن كل صورك في ألبوم خاص بك وحدك
كنت تضحك حينما التقط لك صورا كثيرة فربما كنت تقرأ أفكاري وخوفي من رحيلك

لا يؤنس وحدتي سوى صورك، صوتك المسجل وبعض القصاصات مكتوب عليها بخط يدك وحزينة جدا أنني لم أقم بتسجيل فيديو لنا معا

يقولون أن الحزن يولد كبير جدا ومع مرور الأيام يصغر شيئا فشيئا

أتعتقد أن حزني سيصغر ذات يوم؟!
أنت تعلم جيدا أن علاقتي بالحزن طردية فكلما زاد عمري زاد حزني معه

أمي رحمة الله عليها كانت تغار من علاقتي بك وتقول لي:- عارفة بتحبي أبوكي أكتر مني
كنت ابنتك المفضلة والمدللة، كانوا يطلقون عليّ”بنت أبوها”

أتعتقد حقا أن حزني سيصغر ذات يوم؟!
صدقني أنه أمر ليس سهلًا

سامحني أنني مازلت أبكي ورجاءا كن زائري في أحلامي اليوم؟!

#رسائلمابعدالفقد
#هناء_مطر
الثلاثاء
١٣/٤/٢٠٢١

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.