صراع الأجيال ؟
كان للمجتمع قيمه وتقاليده التى تضع الحدود وتنظم العلاقات فيما بين افراده ولما كانت الاسرة انعكاس طبيعى للمجتمع فلذلك عاش الاجداد وكثيرا من الاباء على مفهوم الاحترام المتبادل والاخذ بالنصيحة وتقديرها والعمل بها فى علاقة ود ظاهرة.
ظل الحال هكذا حتى انقلبت الدنيا فى النصف الثانى من القرن العشرين حين اطلت التكنولوجيا برأسها على الدنيا واصبح الاخذ بتقنياتها وادواتها والعمل بها مصدرا مهما للمعرفة وتراكم الخبرات وكان للمجتمع وتركيبته ومفاهيمه نصيبا من هذا ورويدا رويدا بدأت مصطلحات وآراء تظهر فى محاولة لردم القديم وإنشاء جديدا مختلفا عليه ومن هذه المصطلحات مصطلح صراع الاجيال فقد أخذ ينظر الابناء لأبائهم على انهم رجعيون ذوى افكار بالية لا تصلح للعهد الجديد وعصر التكنولوجيا الحديثة ومع الاندفاع فى هذا الاتجاه ظهرت بوادر التفسخ الاسرى والخلافات المجتمعية وسعى كل على هواه.
وبهدوء وصراحة اوافق ان هناك بالفعل من اهلنا البسطاء من وقف عاجزا مبهورا بل غير مصدق لما يحدث وهم معذورون فالتطور سريع وهم بالكاد يعيشون وقليلا منهم علمهم وثقافتهم فى جريدة يشترونها مساء كل يوم او صباحه.
ولكن كلمتى للابناء ما تكنولوجيتكم ببعيدة عن الاباء بل ان كثيرا منهم قد يفوقكم براعة وان صراع الاجيال بمفهومكم غير صحيح وان الزمان للجميع على السواء نعم توفرت لكم امكانيات ووسائل لم تكن موجودة من قبل واصبحت حركة المعرفة اسرع واقوى ولكن ما غاب عنكم ان الاجيال،اجيال الاباء التى تصارعونها ملكت ما لا تملكون وهى معرفة التجريب والخطأ والصواب التى صنعها وصقلها الزمن الذى تعيبونه عليهم وانهم حين يتكلمون وينصحون , حتى البسطاء منهم , فإنهم يملكون ذخيرة لا تملكونها وهم فى الاساس بوصلتهم الخوف عليكم والحرص على مصلحتكم والا تقعوا فيما وقعوا فيه فتجريب المجرب ليس بميزة او شطارة.
فرفقا ايها الابناء بأنفسكم قبل ابائكم وامهاتكم فليسوا فى صراع معكم ولا تنافس وغايتهم الحفاظ عليكم ورؤيتكم فى المكان الافضل دائما.
ليس صراع اجيال ولا تنافس اضداد ولا تجاذب اراء هى الحياة فى الاختلاف والاتفاق والرأى والرأى الاخر والاحترام المتبادل فلعل الله ان يكلل مسعانا جميعا بالخير.
د.ابراهيم محمد ابراهيم