شيماء سالمي تكتب كيف و لما أكتب؟!


 

يسألونني كيف و لما أكتب ؟
أكتب لأني لا أريد الإنتحار ، لأني أستطيع أن أكتب ، أكتب خشية من خيانة الذاكرة .. أكتب ، لكي تعانق الحروف بعضها كما لم نفعل ، أكتب لأقاوم غضبي و تعبي و حربي، أكتب مكتوبا كي لا يظل مكبوتا و إنني لا أعرف كيف ألجأ و إلى أين حينما تضيق بي الأرض رغم شساعتها ، إنها تلك الحيلة للهرب و قد تكون الطريقة الأنسب لمن مثلي لمن لا وسيلة لهم للفرار و لا الإنتحار و التحدث مع الله حتى ، تلك خريطة إتجاهاتي و توجهاتي و توهجاتي، تلك الصفحات هي الموطن لكلماتي و لست أنا .. أكتب لأفرغني منها كلما حاولت أن تلتف حولي كحبل المشنقة ، أكتب لأني لا أريد أن أختنق و لا أستطيع العيش مكتوفة الأنامل كمن لا يستطيع أن يصرخ ألما أو تدمع عيناه حزنا أو فرحا .. هكذا قلمي ، عربيد زمانه يشرب حد الثمالة بعدها إما أن يسخر من مآسي الحياة أو يرتمي بين أحضان القصائد يضاجعها و يشكلها يقول كلمات حب أو يبكي على فقد أحدهم و تحين تارة لحظات المدح و لحظات الرثاء و مرة يتقيأ هجاءا في أواخر الليل ضجرا و مللا ، قلمي له عقل يترنح على شواطئ الأسئلة التي دون جواب يتأمل في بحور العلم و المعرفة و الدين و الفن مرة يرمي بنفسه هناك يصارع الأمواج و مرة يسلّمها للغرق و مرة كمركب لا مرسى لأفكاره و لا مستقر ، يتسلّل بين الفينة و الأخرى إلى الأماكن المهجورة و يظل يبحث ساعيا خلف المعاني و الوجود و أسرار الكون و الطبيعة و البشرية ، فجأة يصدر صفيرا أحمق في حالة من حالات لاوعيه كمن يقول “إنني هنا ، من هنا فليخرج ” لا يخشى حرارة نزاع أحدهم حتى و إن كانت تلك الأماكن مخيفة بعض الشيء في نظر البعض و البعض الآخر قد يحرّم الدخول إليها و منهم من يمكنه الدخول متى شاء و كيفما شاء . صراحته في سكره ما عدا ذلك ليس مرغما دائما على قول الحقيقة أو ما يراه أو ما يكتمه ، يرى أنه لا داعي أن يخطو حرفا واحدا على الورق طالما لم يكن حرّا ، ليست من سمات الكاتب الشريف الصادق في نظره .. إنّه أحيانا يهذي ، ضربا من العبثية و آخر في العدمية.. شأنه شأن قلبي كحصان بري يطلق نفسه في عنان لكنه متهوّر و جريئ قليلا عنه زيادة غالبا ما يريد بعثرة الرسائل و لعن كل شيء ، جميلا كان أو لم يكن إلى حد الإلحاد ، بيد أنّه على إيمان قوي بأن ذلك الحبر ، حبر الحياة و الخلود و المجد و الكتابة صلاة دون أجر بل آداة إستغفار نتراجع فيها عن إرتكاب الحماقات لنبدع أو ربما نمارس حماقتنا بطريقة أرقى و ربما أيضا قد نقول أشياءا نندم عليها لاحقا. لكنها عبادة لا يعرف سمتها إلا من يدرك قيمتها . قد يعتقد الجميع ذلك ، أنني لذلك أكتب ، لكن، في الحقيقة أنا أمارس حريتي على الورق التي لا أمارسها في الحياة و إنّما قلمي يكتبني..

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.