هناء مطر تكتب الديوث


الديوث

داخل حارة شعبية قديمة ومباني من الطوب اللبنية واسقف مغطاة بجذع النخيل وقطع بلاستيكة كبيرة وفوقها رمال يوجد منزلي الصغير …منزلي مكون من طابقين ..الطابق الارضي به غرفة تسمى “مقعد” أي غرفة للمعيشة والجلوس والسمر حتى منتصف الليل….بها فرن لخبيز الخبز ويجعلها دافئة في ليالي الشتاء القارصة…نجلس أنا وزوجتي وبعض أقاربي ونحتسي القهوة والشاي على موقد به خشب وبراد الشاي ونشرب الشيشة ونضحك ثم نصعد في الطابق الثاني المعد للنوم ….زوجتي جميلة تصغرني بعشرة أعوام….سمراء وعيونها كحيلة وقوامها ممشوق….عيونها عسلية تلمع في أشعة الشمس وترتدي جلباب ضيق يظهر مفاتن جسدها أمام الجميع…عندما أسمع الجميع يتغزل في جمالها أشعر بالسعادة فزوجتي جميلة وملكا لي….من في جمال زوجتي ؟!….أنا فلاح بسيط استيقظ في الفجر وأذهب الى الغيط أزرع وفي عودتي أحمل البرسيم علي كتفي وأعود منهك الجسد وهي تقوم بأعمال المنزل ….لست رجلا وسيم و جسدي نحيل وبشرتي سمراء من أشعة الشمس والبعض يشبهني بالممثل عبد الوارث عسر…ذات ليلة زارني صديقي وشرب معي الشاي وظل معي حتى منتصف الليل …كانت زوجتي تدخل وتخرج علينا و عيونه تلتهمها بنظراته …كنت أشعر بالسعادة فهو مثل الجميع منبهر بجمال زوجتي …وغادر منزلي فى الساعة الواحدة صباحا….صعدنا أنا وهي لغرفة نومنا وكنت سعيد أن هذا الجمال ملكا لي تنام بين أحضاني في آخر الليل ….وتكررت زيارات صديقي لي…كنت أشاهد نظراتها له وكأنها وقعت في غرامه وربما تحتاج لرجل غيري يشبع أنوثتها أكثر مني….وفي أحد الليالي بعد العشاء كان يغسل يديه وهي تقف تمسك له المنشفة والصابون رأيتها تميل وتتمايل بجسدها وكأنها حية تتلوى أمامه…كنت أقف أشاهد ماذا تفعل معه؟!

لم أشعر بالغيرة بل كنت أستمتع وكأنني أشاهد فيلم عربي لتحية كاريوكا…وحينما أنتهى من غسل يديه تحرش بها في مروره

وجلس معي وشربنا الشاي ثم غادر في الساعة الواحدة صباحا كالعادة

كانت تهتم ان ترتدي جلباب أحمر ضيق يكاد أن يتمزق من على جسدها حينما يزورنا

وفي أحد الليالي استيقظت قبل الفجر ولم أجدها بجواري
بحثت عنها فوجدتها فى الطابق الأرضي بين أحضانه

لا أعلم لِمَ لا أغير عليها؟!
كل ما جال بخاطري ان استثمر جمالها هذا

هي إمرأة تسعد كلما رأت في عيون الجميع نظرات إعجاب بها وبجمالها

عدت الى غرفة نومي وحينما أنتهى غادر في صمت وهي صعدت إلى الطابق الثاني ونامت بجواري

لم أذهب إلى الغيط وظللت أفكر كيف استغل جمالها هذا

وانتظرت الليل يسدل ستائره

وجاء صديقي الي منزلي فى الثانية والنصف مساءا يرتدي عباءة نسائية سوداء وغطاء رأس أسود (نقاب) وحينما كانت في أحضانه فتحت الباب عليهما

هي لطمت وجهها وهو ظل مكانه لا يعلم ماذا يقول؟!

بينما أنا ضحكت بصوت عال وقلت : كملوا كملوا بس بفلوس وإلا هفضحكم في الحارة

هي لم تصدق ماسمعت وصديقي بصق فى وجهي ثم أرتدى ملابسه وقبل خروجه من المنزل ألقي في وجهي النقود وظللت أشم رائحتها و أغمض عيني وأحلم متى أغادر فقري اللعين؟!

هي صعدت للطابق الأعلى وأغتسلت من خطيئتها وحينما كانت أمام المرآة تسرح شعرها …قلت لها : الدور عليا بقا تعالى مش أنا بردوا جوزك وليا نفس أنا كمان ولا اية بس الفرق هاخد حقى من غير ما أدفع فلوس هههههههههههه

هي في بادئ الأمر أمتنعت عني وظلت تقاومني ولكن فى النهاية نلت منها

يومان لا تحدثني ولكني حاولت اقناعها وماذا ستخسر كما فعلت معه ستفعل مع غيره مقابل مبلغ مادي وسنقتسمه سويا فلِمَ لا؟!

وبعد ثلاثة شهور خضعت لأوامري

أصبحت اصطحب معظم رجال حارتي للمنزل وحينما ذاع الأمر بها تركت الحارة

وأجرت شقة في قرية بعيدة عن قريتي نمارس فيها الرذيلة

ليس فقط زنا ولكن أيضا تبادل الزوجات

وكلما ذاع الأمر بين الناس أترك القرية وأذهب لغيرها وهكذا ارتحل بين القرى

إلى أن أنتقلنا إلى القاهرة وسكنا في شارع به مسجد

لا أعلم كلما سمعت الآذان أرتجف قلبي كنت أتعمد أن أسكن في منطقة بعيدة عن أى مسجد وكأنني أهرب من الله

في صغري كنت أذهب للكُتاب مكان لتحفيظ القرآن الكريم
شيخ قعيد ويتجمع حوله جميع أطفال القرية ومعهم ألواح خشبية مكتوب عليها بعض آيات السور القصيرة من المصحف الشريف ومن لا يحفظ يجلد على قدميه

في الحقيقة كنت أهرب منه وكنت أشعر أنني لا أستطيع الحفظ مثل معظم الأطفال ولكن ظلت أحدى آياته تأتيني في أحلامي” فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا” نوح10_12

حينما استيقظ بعدها استغفر الله وظلت هي الشيء الوحيد الذي لا يقطع صلتي بالله

لم أواظب أبدا على صلاتي ولا صيامي ولا أى ركن من أركان الاسلام الخمسة

ولكن ظل الاستغفار يلازمني بعد كل استيقاظ

في أول ليلة في شقتنا الجديدة زارني شيخ المسجد يرحب بوجودي أنا وزوجتي كعادته مع الجميع
وكعادتها ترتدي ضيق أمام الجميع قدمت لنا الشاي وعادت للمطبخ

في الحقيقة الشيخ غض بصره ولكن هي لم ترجع عما بداخلها

هي تعشق أن يتغزل بها جميع الرجال شيخ قس ملحد أيا كان من هو لا يهم فقط مايهمها أن يتغزل بها الجميع ويلتهمها بنظراته

رحل الشيخ في سلام وظلت هي تأكلها النار بداخلها كنت أشعر بها فأنا أحفظها أكثر من نفسها

ولم تكتف بذلك بل صرحت بذلك لي وقالت: ماتعزم الشيخ ده بعد صلاة الجمعة على الغداء

قلت لها :أن شاء الله ارحمي نفسك أنتى بس

وبعد صلاة الجمعة رن جرس الباب ووجدت الشيخ أمامي وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قلت له :اتفضل يامولانا وعليكم السلام يامرحب

_أية يابني ماجتش تصلي الجمعة معانا لية ؟!
في الحقيقة لا أعلم ماذا أقول له وأنا لم أصلي في حياتي سوى مرتين أو ثلاث

ثم قلت له:أبدا ياشيخ كنت تعبان من السفر وان شاء الله أصلي العشاء معاك في المسجد

يبدو ان الشيخ يحث الجميع على الصلاة والجميع يحبونه ويرجعون له في جميع الأمور
هو يرتدى جلباب رمادي ويضع شال أبيض على كتفيه وملامحه تشع نور ومتوسط الطول وليس نحيف وبوجه علامة الصلاة من كثرة السجود

ثم دخلت هي تحمل لنا الشاي وجلست تتلوى أمامه شعرت بالخجل منه ولا أعلم لماذا؟!

بداخلي شيء يصرخ إلا رجل الدين

لو انهار الشيخ أمامها واستسلم ؛ستنهار بداخلي جميع الاركان وتقطع للأبد صلتي مع الله

حينما رحل الشيخ تحدثت معها قلت لها إلا شيخ الجامع
ضحكت وقالت :شالله ياشيخ أنت هتعيش عليا دور التقي ولا اية ده احنا دافنينه سوا فوق ثم الشيخ عاجبني وهجيب رجله يعني هجيب رجله أنا مفيش رجل يستعصى عليا فوق

كأنها شيطان أمامي
لا أعلم لِمَ أدافع عن الشيخ ؟!
ربما أتذكر طفولتي والكُتاب؟!
ربما لا أريد أن تلوث طفولتي أيضا وربما اتمسك بأخر ذرة لي في الاسلام

حاولت بكل قوتي أن امنعها عنه ولكن يبدو أن الشيخ يقاوم وساوس الشيطان

وفي أحد الليالي استيقظت من نومي وأنا أردد أستغفر الله استغفر الله أستغفر الله

لم أجدها بجواري وبحثت عنها في الشقة ولم أجدها أين ذهبت ياترى؟!

لم أتردد وتذكرت الشيخ وارتديت ملابسي وتوجهت لمنزل الشيخ ووجدتها تخرج باكية من عنده لقد صفعها على وجهها
وحينما رأتني ألقت بنفسها في أحضاني فأخذتها لمنزلنا

لا أستطيع أن أتركها في هذا الظلام ….شيطانها أنا وأنا من وضعها في هذا الطريق

وظل الصمت سائد بيننا وحينما سمعت صوت الموشحات بصوت نصر الدين طوبار و النقشبندي و قرآن الفجر والآذان الله أكبر الله أكبر الله أكبر حي على الصلاة قلت لا إله إلا الله واستغفرت الله

نظرت إليها ثم مسكت يديها وتوجهت بها إلى الحمام؛ غسلت جسدها، جسدي وكأنني أطهرها وأطهر نفسي من الذنوب وتوضأنا وارتديت عباءة بيضاء وهى ارتديت ثوب الصلاة الذي أهداه لها الشيخ وفرشت على الأرض سجادة الصلاة ثم أقمت بها الصلاة .

#هناء_مطر
الجمعة
١٤/٥/٢٠٢١

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.