محمد جراحي ومراجعته لرواية العجوز و البحر – أو – الشيخ و البحر إرنست همنجواي


 

#قرأتلكالفكر_الحر
الاسبوع الاول – الشهر الثاني
The old man and the sea
العجوز و البحر – أو – الشيخ و البحر

إرنست همنجواي

” ربما لا أكون قويا كما أعتقد, و لكني أعرف كثيرا من الحيل , و أتحلي بالاصرار و العزم. ” (سنتياجو إل كامبيون)
عاش سنتياجو الصياد العجوز بجوار البحر في كوخه المتواضع الذي كان يحوي حياة سابقه لأسرة شابة. أما الآن فيعيش وحيدا بعد أن فقد أسرته و تقدمت به السن و لم يعد معه أحد إلا فتي صغيرا يدعي “مانولين” تبعه مانولين كعادة أهل تلك المناطق ممن يعملون بالصيد أو بأعمال الموانئ ليتعلم منه حرفة الصيد و رأي مانولين في سنتياجو أفضل معلم و أفضل صياد بل و أفضل الرجال علي الاطلاق. لكن صادف الرجل سوء حظ لازمه لأربع و ثمانين يوما لم يعطه البحر أية سمكة , مما دفع والدي “مانولين” أ، يحذراه من إلتزامه بالعجوز و إرغامه علي العمل مع صياد آخر و لكن “مانولين” كان يزور معلمه بين حين و آخر, يساعده و يقدم له بعض الغذاء و الشراب و طعم الصيد. رأي “مانولين” في “سنتياجو” أفضل صياد علي مر العصور و أفضل من جميع الصيادين…
و في اليوم الخامس و الثمانين قرر “سنتياجو” الخروج للبحر في محاولة متكرره مليئة بالعزم و التصميم علي اصطياد صيد ثمين يعوض به الايام العجاف و عناد الحظ له و يغنيه بثمنه عن العمل الشاق في فصل الشتاء البارد.. ” سأذهب بعيدا لأعود مع الريح حين تغير اتجاهها..” و هنا ينطلق “سنتياجو” في رحلته العظيمة لاصطياد سمكة ” المارلين” العظيمه بهمة ز إصرار و استبسال في المحيط الواسع ذو النعم الكثيرة , يتوحد فيه الصياد مع فريسته و يحترمها و يقدر قيمة الحياة و قيمة النضال فيها. و تبدأ معها كذلك رحلة “همنجواي” الفلسفيه , رحلته الخاصة في محيطه الخاص مع امكانياته و صفاته و مع أعماله و غفواته و ذنوبه و مع العالم المحيط به من منغصات و من منافسيه و من ذاته … رحلة يعود منها البطل و المؤلف كلاهما .. خاسرين بلا مكتسبات ملموسة و لكنهما محملان بذكريات و خيبات و بعض الفخر ..
#اعتراف_واجب
علي المستوي الشخصي قرأت العمل بالانجليزيه لأكثر من مرة و لم أقرأ النسخه العربية المترجمة إلا اليوم فقط – فقط لاستخدام بعض الاقتباسات – و هو أمر لا أفتخر به و لكن أحمد الله عليه , فالترجمة العربية مهما كانت رائعة و لغتها بسيطة و محافظة علي روح النص الاصلي إلا أنه هناك بعض العبارات و الاشارات التي ضاعت في الترجمة أو سقطت عمدا, لتلائم الواقع المترجم له..
أما بالنسبة لي فلست هنا للنقد او للمراجعه أو حتي ابداء رأي.. إنما اكتب تعليق خاص بما فهمته و ما قرأته و ما وصلني من القصة مع عدم معرفة مسبقة بالكاتب او بتاريخه , إنما هو احساس محض مبني علي احداث القصة نفسها. و ذلك ليختلف من يختلف فالامر ليس ملزما لاحد و لا يحاسبني عليه احد.


ندرك عند بداية القصة ان الحياة صعبة جدا عندما تتقدم في السن و تضيق بك الحال و يتخلي الحظ عنك, و لكن تعرف حينها حقا من هم بجوارك , من يحبك فعلا و من منهم يحب سعة حالك فقط .. و عندما تعرفهم فاطمئن لهم. و نري ذلك جليا عندما قام والدا “مانولين” بمنعه من المكوث مع “سنتياجو” و الذهاب للعمل علي قارب اخر.
و نتعلم أيضا من العجوز أنه مهما كان حالك و صفاتك الجسدية و التحديات التي تواجهك , فلا تفقد إندفاع روحك و إيجابية تفكيرك و صفاء نفسك و لا شغفك بالحياة.


• #علاقة سنتياجو بــ مانولين
أراها علاقة جيل قديم بالجيل الجديد كما يجب أن تكون. فعلي عكس ما يقوم به الجيل القديم في تعلميه و تعامله من فرض حكمته المزعومة و تجاربه و معرفته بالعالم و أسبقيته علي الجيل الجديد.., فإن “سنتياجو” لم يقم بأي من ذلك أبدا مع “مانولين”. و علي عكس ما يقوم به الجيل الجديد من تجاهل الجيل القديم أو تجاهل وجوده أو استغلاله للمنفعة الوقتية و عدم الاكتراث لتجاربهم , فإن “مانولين” لم يقم بأي من ذلك أبدا مع “سنتياجو”.
إنما وجد الاثنان أرضية مشتركة بينهما فمانولين يحترم العجوز و يثمن له تعليمه إياه و يقدره كصياد ماهر و كرجل بالحياة خبير , و كذلك سنتياجو يحادثه كصديق مساو له و كزميل نـد , يحادثه يهمهما معا بل و عن رياضة البييسبول , و نحن لا نري كل يوم رجلا عجوز يتحدث عن البيسبول مع طفل او فتي صغير و يناقشه في عدة أمور أخري و يسمع منه… و هكذا يضع “همنجواي” الطريقه السحرية للتواصل بين الجيل القديم و الجيل الناشئ, الاستماع إلي الاخر و تفهمه بدون اعتبارات مسبقة أو أفكار تقليدية.
• #في البحر
وضع “همنجواي” علي لسان “سنتياجو” منهجيته سواء عن قصد منه أم بدون قصد و استخدم الطبيعه من ماء و موج و ريم و قروش و دلافين و نباتات عالقه و طيور جارحه حتي فقاقيع الماء , لصنع الاسقاطات الرائعة لتصوير الحياة و الناس و علاقتهما ببعض فيقول “سنتياجو” : ” إن الطيور تعيش حياة أقسي من حياة البشر, فيما عدا الطيور السارقة و الطيور الضخمة ثقيلة الوطأة. لماذا خلقت الطيور الصغيرة بهذه الرقة و المحيط بهذه القسوة؟”
و قال علي لسان “سنتياجو” رأيه في الحظ: ” من الافضل أن يكون الانسان محظوظا . و لكني أوثر أنني إذا عملت عملا أن أتقنه , حينئذ إذا جاء الحظ يكون المرء متأهبا لاستقباله”
• #حديثه مع سمكة ” المارلين ” أو مع ذاته
كمية الاسئلة الفلسفية والوجودية التي طرحها “همنجواي” في هذا الجزء كفيلة لأن تغطي معاناة الرجل الاوروبي المتشكك في أمور دينه و دنياه , المتسائل عن سبب وجوده في الحياة و عن كيفية عيش تلك الحياة دون أن يضطر الي أ×ذ حقوق ليست له واغتصاب ما لا يملك. أسئلة و جمل حوارية مليئة بالشك و الايمان و بالضعف و الامل و بالعجز و القوة.. و فيها نري توحد الصياد مع فريسته و مقاومة شعوره أنه قضي علي شئ مميز و نبيل من أجل شئ حقير كأن يسد جوعه .. و محاربته لصوت ضميره الذي هو أقوي من محاربته لاسماك القرش المفترسة..,
– ” إنك لم تقتل السمكة فقط من أجل أن تعيش و لتبيعها كغذاء للناس , إنما إرضاء لكبريائك و اعتدادك بنفسك , و لانك صياد….”
– ” لقد أحببتها و هي حية و أحببتها بعد أن فارقت الحياة, و اذا كنت تحبها, فهل قتلك لها يعد خطيئة, أو أن ذلك شئ أكبر من الخطيئة؟”
• #جمل متكررة في القصه
لاحظت تكرار ما يلي مع كل موقف صعب يواجه البطل :
” إنك تفكر الان أيها الرجل العجوز!”
” لا تفكر أيها العجوز…”
” إنك تفكر أكثر من اللازم..”
” ليس هذا وقت التفكير ..”
و كأن هذا الصراع الدائم داخل للانسان ليصل إلي حقيقته و حقيقة الكون حوله صراع لا ينتهي أبدا و اسقاط علي بعض منتسبي الكنيسه الذين لا يريدون للعبد أن يفكر .. فهل كانت هذه الجمل المتكرره و هذه الرواية مقدمة لانتحار مؤلف يلوح في الأفق !!!


#ملحوظة
ماذا لو أحب أحدنا أن يحكي القصة من وجهة نظر سكة “المارلين” البطل الخفي و الشهيد الصامت !!!
#Garrahi

الإعلان

2 Comments

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.