ليس لي مكان بينكم، أنا بيتي ذاك المخفي بين سجايا روحي و أوهام قلبي، وهبني هذا البيت غرفة صغيرة من نسج الثقة و خيوط الراحة خاطته أمي بيديها المرتجفتان بخيط عينيها و إبرة قلبها…!
لم يكن لنا منزل يا أمي!
كان مجرد حائط قديم مبني على حساب حريتك، أناني ذاك الحائط يا أمي.! هو يعلم جيدا أنه ثقيل جدا عليك لكنه مازال يرمي بأثقاله على أكتافك…أعلم جيدا أنك تقاومين ضعفنا كل يوم و أعرف أيضا أنك ترهقين من إقناعي بأن الحياة تستحق المقاومة، أنا يا أمي لم أجد للحياة سبيلا حاولت جاهدة مرارا أن أمد يدي نحو السماء لكنني في كل مرة كنت أفشل سبب ذلك الحائط اللعين، كان في كل مرة يردعني ويعيدني إلى نقطة الصفر، ماذا فعلتي بي انت يا أمي عند إنجابك لي، لماذا لم تطلقي علي إسم مشؤوم لماذا لم تسميني مثلا مرارة الحياة أو سوء الحظ.؟
على الأقل سيتأقلم اسمي مع حالي،، أليس أفضل من أن أكون ماء و نار….
ليس لنا منزل يا أمي، و عليك تقبل هذه الحقيقة مثلي تماما، لأن هذا ليس ببيت هذا جحيم بارد ليس له باب ولا مخرج ولم تخلق به نوافذ كي نمد من خلالها أعيننا و ننظر للحياة كما يقال، لا تزرع فيه ورود ولا أشجار… حتى عندما غرسنا فيه أنا وأنتي وردة ذات مرة إقتلعت من جذورها من قبل ذلك الحائط، كانت تنمو و تعلو على حائط هش وغامق اللون، كانت كلما تنمو وتعلو قليلا يمد يده ليكسرها من النصف تماما، ومع ذلك كنت أنت يا أمي تسقينها مرارا وتكرارا كي تعيد بناء نفسها من جديد، وفي يوم مغيم به رياح خفيفة وقع ذاك الحائط على وردة أملنا كانت وردة ضعيفة الأغصان، كسرت تلك الوردة يا أمي، كسرت جميع أغصانها ما عدا جذورها مازالت على قيد الحياة… لكنها لم تعد تريد العيش…!
أليس من المفترض أن يضلل عليها بضله ويحميها من رياح الشتاء و حرارة الصيف…؟
ليس لنا منزل يا أمي ولا موطن ولا حتى مكان يحمل أحلامنا المكسورة أنا وأنت…!