سيلين
صديقتي، مساء الخير.
أخبرتك مسبقًا أنني سأتوقف عن الكتابةِ إليكِ أبدًا، ولكنني لا أستطيع هذا.
من الغناء أستقي روحي، أطير الي حيث قصر عظيم المنشأ، بهي الصورة، عظيم الشأن، تتجاوز أعمدته السحب العالية، وتتعلق قاعدته في الهواء الطلق، في الغناء أكون حرًا كطير يكتشف قوة جناحيه، وعنفوانه، في الغناء يأسرني الحنين.
أعود إليكِ ضعيفًا فور أن يبدأ الملحن عزفه الشجي، أراكِ في السماء تتشكلين، علي السحب ربما، من نور القمر، أو من دعائي لا فرق، تتشكلين حتي تصبحين حقيقة أستطيع إدراكها بحواسي كلها، أَمدُ اليد إليكِ لتنفجر الألحان برقص بيننا يعيد تشكيل الحياة، يمنحني نضرة من طين حقلنا الريفي الذي نشأت به، ويغمرني بنشوة من جمال يدي أمي.
فور أن يبدأ اللحن أنسي ما بيننا من مسافات وأكوان، فأحلق نحو فضاء السماء لأصلك قبل أن ينتهي اللحن، وأموت.
أعود إليكِ متناسيًا شجارنا بالأمس، اختلافاتنا، رؤانا التي اختلطت حينًا وتباعدت.
أعود إليكِ رغما عني. فعذرًا.
قابلت بالأمس فتاة غاية في الجمال رقيقة، قالت لي أنني لها اكتمال ما تحلم به، كان هذا بعد نقاش طال بيننا عن الشعر، والجمال الذي خلفته الأجيال السابقة لنا.
سردت لها حكايات عدة، معظمها لا حقيقة له الا في خيالي أنا فقط. لا أظن أنها كانت مختلفة كثيرًا عن سابقيها، فقد استسلمت لما قصصته ونسجت حوله الأحلام والأماني، كان هذا كله قبل أن يبدأ اللحن الليلي المعتاد، كانت موسيقي قديمة لعازف إيطالي، أخذني منها وزرعني بأرضك بلا حولٍ مني ولا قوة. صرخت فيه أنك رحلتِ بلا أمل في الرجوع إلي شخصي التافه، فأجابني بحزمٍ وقوة “هذا قدرك أيها الغبي، قدرك أن تغرق في عشقها حتي تموت”
ولم تفلح توسلاتي إليه كعادتي فرجعت صوبك فقط، لا أمل لي الا أن أموت هنا.
فهل تسمحين لي؟