محمد كمال يكتب: الطعنة.
“الطعنة”
خطرتلي الفكرة لما سيد بعتلي على الواتس يقول: “محمود، قررت أعمل في حازم صاحبي مقلب موت، هو حرفيًا مقلب موت، بموت مالضحك بمجرد ما بتخيل شكله وهو مرعوب ها ها ها.. مش قادر. عارف هعمل أيه؟ شوفت فيلم “سكريم”؟ مش مشكلة، أنا هعمل زي الواد اللي كان لابس قناع مخيف وبيقتل في الناس، اخترت الشكل ده عشان حازم صاحبي اتفرج على الفيلم ده وعارفه”. سألته وهتجيب اللبس اللي هتعمل بيه المقلب منين؟ فقالي: “أعرف محل بيبيع الحاجات دي، هو بعيد شوية بس مش مشكلة.”
ومن هنا الشيطان ابتدى يلعب بعقلي، صدقني يا باشا كأن مش أنا اللي كنت بفكر.
– كَمّل. قال أحمد بيه، الضابط المكلف بالقضية.
قلت لسيد صاحبي وانا بضحك ضحك من ورا قلبي: “ها ها ها.. دي هتبقى حاجة مسلية خالص يا ابوالسيد، بس يا خسارة مش هشوفها.. أه.. بالله عليك صورها.”
– سكِت ليه؟ كَمّل.
كان سيد وصفلي المحل فين، بعد ما سألته على مكانه عشان حبيت الفكرة ولو حبيت أعملها في حد يعني. طبعًا كنت بكدب عليه. المهم.. رحت للراجل وقولتله فيه واحد مواصفاته كذا جالك أخد منك هدوم وقناع؟ قال اه. قولتله عايز زيهم بالظبط، ولمّا حسيت الراجل استغرب كده، قولتله هو حب يلعب لعبة معايا بس انا هقلبها عليه.
– امممم.
الراجل طبعًا مش فارق معاه كل ده.. المهم يبيع.
– انجز يا ابني، قتلتهم ازاي؟
كانت الساعة 11 بالليل، والناس في الأرياف بتنام بدري، ممكن يكونوا صاحيين أدام الشاشة مثلاً، لكن الشوارع بتبقى فاضية والدنيا هُس. قربت من بيت سيد صاحبي وبشويش عديت من فوق سور الحوش بتاعهم الواطي، طبعًا حافظ بيتهم حِتة حِتة، وبعدين روح…
– هات يا ابني القهوة.. كَمّل انت.
وبعدين روحت مغير هدومي ولابس اللبس اللي جبته من الراجل وحاطط القناع. ولأن الدنيا كانت هادية خالص، كنت سامع صوت سيد وحازم في الصالة، قربت من البيت بشويش أوي، ولأن برضه الجو كان حر أوي، كان سيد فاتح أغلب الشبابيك. أه.. نسيت أقولك يا باشا إن بيت سيد صاحبي في حِتة مقطوعة كمان، منعزل كده شوية عن بيوت البلد، يعني ولا فيه جيران ولا حد هيكون معدي ويسمع حاجة، ودا اللي خلاني واثق إن خطتي هتنجح.
– انت تقرب لمحمود المليجي يا ابني؟ يخرب بيت شيطانك! كَمّل.
الحوش كان ضلمة أوي ومزروع فيه شجر محاوط البيت، فكنت عامل حسابي إني أستخبى فوق شجرة منهم لو حد حس بيا، لكن فجأة أصواتهم اللي كانت واصلاني سكتت خالص، شكيت، وقلبي اتقبض مع إني مبخافش، ولمّا سمعت صوت جاي من ورا البيت قصادي من الناحية التانية عديت بشويش من شباك أوضة من الأوض واستخبيت، البيت كله ضلمة مفيش غير الصالة هي اللي منورة، بصيت للحوش من الشباك وانا مستخبي ورا تربيزة، لقيت شبح معدي، بس قدرت ألمح وشه اللي مكانش وشه طبعًا، كان حد حاطط نفس القناع اللي انا حاطه.
– استنى.. يا محمد بيه.. تعالى.
وهكذا نادى أحمد بيه على زميله، تقريبًا خاف من نظرة الشر التي تطل من عيني محمود. وبعدما حضر الضابط وجلس معهما، أشار له أحمد بيه أن يكمل.
أنا قولت دا سيد صاحبي وبيجهز عشان يخض حازم، وقولت كمان تلاقيه قاله هجيب حاجة مثلاً وراح أوضته لبس اللبس اللي هيرعبه بيه، اللي مفهمتوش هو ليه خرج للحوش! لكن كنت في ثانية أخدت قراري وخرجت السكينة اللي كنت مدخلها تحت الحزام واتسحبت بالراحة وفتحت باب الأوضة، وقبل ما اخرج بصيت لقيت الشبح اللي هو سيد داخل الصالة على طراطيف صوابعه، داخل يخض حازم.
– وبعدين. قال محمد بيه وهو يرتشف القهوة بهدوء.
مفيش ثواني يا باشا وصراخ حازم كان جايب آخر الدنيا، وشوية لقيت صوته علي على سيد اللي كان هيموت من الضحك. رحت قافل باب الأوضة وفكرت.. ورحت فاتح الواتس وباعت رسالة لحازم أسأله انت فين. قاللي إنه عند سيد صاحبنا، وقعد يشتم في سيد، وقاللي إنه عمل فيه مقلب وهو لابس لبس مرعب. بس.. دا اللي كنت عايزه. كده أقدر أثبت وأنا حاطط رجل على رجل إن سيد هو اللي قتل حازم قبل ما يقتل نفسه.
– المليجي دا مين؟ دا ولا هو ولا توفيق الدقن ولا حتى عادل أدهم يوصلوا لتفكيرك الشيطاني ده! كمل يا داهية.
اللي معرفتوش بقى إن حازم من خوفه الحقيقي حول الرسالة اللي بعتهالي لواحد صاحبه أنا معرفوش، ودا اللي عرفته بعدين. المهم أنا فتحت الباب والسكينة في أيدي، ولزقت ضهري في الحيطة واتسحبت سِنة سِنة، بصيت في الصالة لقيت حازم بس، قلبي اتقبض، بصيت ورايا بسرعة خفت ليكون سيد ورايا، لكن ملقتش حد. خوفت أدخل على حازم واقتله سيد يكون قريب ويخبطني بأي حاجة، وبعدين سمعت صوت ماية جاي من الحمام، اطمنت، وبشويش اتحركت وجيت من ورا حازم ومسكت بقه بأيد وبالأيد التانية وفي ضهره بالسكينة، مرة واتنين وتلاتة وعشرة لحد ما وقع على الأرض وانا ماسك بقه لحد ما اتأكدت إنه مات.
– وبعدين. قال محمد بيه بنبرة هادئة.
وبعدين طفيت نور الصالة، وبعدها بثواني سمعت صوت باب الحمام بيتفتح، وصوت سيد وهو بيقول: حازم.. حاااازم.. افتح النور بلاش غلاسة.. أنا آسف يا عم افتح النور. لو أنا مكان سيد فعلاً أخاف، لأني من ساعة ما دخلت والبيت كله ضلمة ما عدا الصالة، أنا افتكرت سيد هو اللي قاصد يطفي الأنوار، لكن تقريبًا اللمض كلها بايظة، والنور البسيط اللي كان بيدخل الحمام من الشباك الأزاز خلاص معدش بيدخل من بعد ما طفيت نور الصالة. فخرج سيد بسرعة.. الحمامات بتخوف أصلاً.
من وقت ما خرج من الحمام وهو بينادي على حازم يفتح النور، استنيته لما قرب على الصالة وكنت وقتها واقف جنب الزرار، لإني عارف إنه جاي ناحيته، أنا مش شايفه ولا هو شايفني، بس سامع صوته، ولمّا حسيت إنه واقف أدامي رحت فاتح النور وصارخ في وشه والسكينة مرفوعة في الهوا.
صرخ بصوت عالي وراح زاققني وجاري ناحية الحوش، وقعت على الأرض لأني مش متوقع منه كده، قمت وجبت السكينة اللي وقعت من أيدي وبمنتهى الغل جريت وراه. مكانش ليه أثر، فجأة افتكرت لما كنت بقول لنفسي لو حد حس بيا هستخبى فوق أي شجرة، بصيت على الشجر على النور الضعيف اللي جاي من الصالة، لمحته. وأول ما اتأكد إني شوفته رمى نفسه، رجله وجعته ومقدرش يجري وفضل على الأرض. قربت منه بهدوء، بشوفهم في الأفلام بيموتوا ضحاياهم من الرعب بهدوءهم ده.
بس كمان في الأفلام الضحية بيهرب لما اللي جاي يقتله يفضل يتكلم ويضيع وقت. أنا بقى مضيعتش وقت وضربته بالسكينة ييجي عشرين ضربة.
– وبعدين.
قلعت اللبس والقناع ووريته وشي قبل ما يموت.
– ليه؟
ورميت اللبس في الترعة بعد ما لفيته على حجر عشان يغطس.
– بقولك وريته وشك ليه.
هقولك يا باشا.
المهم روحت البيت ونمت. تاني يوم بفتح الفيس لقيت بوست ممول ظاهرلي لأن صحابي معلقين عليه. البوست بيقول إن سيد صاحبنا قتل حازم وقتل نفسه وكان لابس لبس غريب وقناع مرعب. اه.. نسيت أقولك يا باشا، سيد لما خرج من الحمام كان قالع القناع واللبس ولابس عادي، ومنسيتش وانا بضربه بالسكينة إني أضربه في بطنه وصدره بس، لأني نويت ألبسه القناع واللبس الغريب اللي هو روب أسود مفتوح من أدام، عشان يبقى هو اللي قتل حازم وقتل نفسه.
ارتحت بعد ما قريت البوست، بس بعد ما دخلت أقرأ التعليقات خفت جدًا وارتعبت؛ في راجل معلق وبيقول إنه يعرف سر خطير عن الحادثة دي، دخلت عند الراجل ده وكبرت صورته.. كان هو الراجل صاحب المحل اللي انا وسيد جبنا منه اللبس والقناع.
- أيوه.. ومن حسن حظ الراجل إنه كتب التعليق ده بعد ما جالي القسم وقاللي إنه شاف البوست بتاع الحادثة اللي صاحب حازم كاتبه وعامله ترويج ومستهدف فيه من ضمن اللي مستهدفهم، المحلات اللي بتبيع اللبس والأقنعة دي.
صاحب حازم دا اللي حازم كان بعتله نفس رسالة الواتس اللي بعتهالك. ولما عرف إن حازم مات، قال بس يبقى سيد هو اللي قتله، وراح بسرعة ناشر البوست.. ومكناش نعرف واحنا بنحقق معاه في القسم وبنزعقله على البوست إنه هيكون الحاجة اللي هتوصلنا ليك.
أنا يا باشا لو كنت أعرف إن البياع متفق معاكوا مكنتش رحتله المحل. - دا أكيد يا حوده، استخبينا في المحل وبراه، ومتأكدين إنك هتيجي، لأن التعليق اللي كتبه الراجل رد عليه مئات الأشخاص، وانت من ضمنهم. ولمّا راجعنا التعليقات مع البياع، وشاف صورتك عرفك على طول.
- خده يا عسكري.
تفتكر يا باشا الواد دا قتل صحابه ليه؟
– والله انا متحير يا محمد بيه زيك وزي الناس، الواد كتوم جدًا وشكله معبي ومش هيقول على دوافعه.. ابن الجنّية مقالش ليه ورا سيد وشه قبل ما سيد يموت.
– يا عسكري.