آخر حدود الحلم لنهاد كراره يقرؤها لكم محمد جراحي


 

#قرأتلكالفكرالحر
رواية #آخر
حدود_الحلم لــ نهاد كراره
.
(آخر حدود الحلم سور
و النطه من فوقه
يا إما نطه للحياه يا إما نطه من الحياه
و انا وانتي جربنا الحياه
و لعبت دور المتهم
و انتي بكل الحب دور اللي اتظلم
مثالية كنتي و كنت انا دايما أخون
مجنون بلون كل الفراشات في الجناين
مفتون بضربة فرشتك علي لوحة الايام
و العشق مغروس في الحشا و الطرح باين
وخداني جناحات نظرتك علي جنة الاحلام
و الحلم عشته
و خدت فيه كل اللي عوزته
و لما حان الحين أفارقه
و شعرت إني بجد راجع للحقيقه
و اني مش هلقاكي جمبي زي سابق
قومت سابق صوت منبه كان سابقني
و قفلت حضني ..
و كنتي فيه
طماع أنا و أناني يمكن
بس آخر حدود الحلم من بعده الحقيقه

و الحقيقه و انتي مش فيها .. لا يمكن!! )

آخر حدود الحلم.. الحلم بأن نحيا حياة متوازنة بلا منغصات بين الناس , فتكفينا منغصات الحياة نفسها التي تقف حجر عثرة في طريقنا نحو الوصول لما بعد الحياة.
تعالج الرواية العلاقة بين الرجل و المرأة, حب أم صداقة! أيهما أكمل ؟
رأت الكاتبة أنه من الممكن أن نصل للكمال في هذه العلاقة عن طريق الدمج بين الحب و الصداقة فتكون (حـبـاقـه) ..فهل الحباقة هي آخر حدود الحلم ! و هل استقامت به حياة أبطال الرواية! و هل هي رواية فعلا أم أنها رواية الحياة !
طارق و قمر , كريم و سما , جنات و شريف , و أحمد .. شخصيات الرواية التي تحكي لنا الكاتبة على لسان كا واحد منهم , بوجهة نظر كل شخصية و برؤيته الخاصه للحياة من منظوره هو لا من منظور المؤلف, و وزعت فيهم جميعا شخصيتها , فيراهم القارئ شخصيات مستقلة و متخلفة كل شخصية لها ما يميزها و ما يعيبها و كل شخصية لها خلفيتها الثقافية و الاجتماعيه و لها إرثها الخاص من الشجن و من الأحزان, و في نفس الوقت يشعر القارئ أن كل الشخصيات تجتمع عند نقطة معينة و بقاسم مشترك عام و لكنه لا يستطيع تحديده أو تسميته في شخصية معينة .. إنها روح المؤلفة و شخصيتها التي قسمتها قطع كقطع الحلوي و جعلت منها روحا نفختها في شخصيات الرواية بعد أن رسمت أشكالهم و أبعادهم فلما تحركوا أمامها علي الورق كان لكل شخصية فيهم رونقها الخاص, و هي وحدها تعرف سرهم و كيف تبقيهم علي اختلافهم في بوتقة واحدة.
و حافظت الكاتبة علي التوازن الذي اعتدناه منها , فعلاقة طارق و قمر قابلتها علاقة كريم و سما , حتى شخصية (جنات) قابلتها –وفي صمت مقصود و هدوء مدروس- شخصية أحمد…
– ثم هناك تلك التفاصيل الآسـرة , سواء للأماكن أو الشخصيات أو في رسم المشاهد و اللقاءات بين أبطال الرواية, كيف تصل بك إلي العمق و تتركك هناك غير قادر علي الاحتفاظ بأنفاسك أو الصعود إلي السطح !
هل هي تفاضيل أم تفصيلات أم أنه وعي و ثقة في اللغة و الاحساس و الهدف المرجو.. الكاتبة تكتب الرواية سطرا بسطر بل كلمة بكلمة, تضع كل كلمة في موضعها بميزان الذهب. أراها ممسكة القلم واضعة إياه بين سطرين خاليين و تقول ما تكتب بل تحكيه أولا بل تمثله و تقوم بإخراجه و توجيه الأبطال للتعبير بالنظرة و الهمسة و اللفظ المناسب لا تترك مجالا للصدفة أو ارتجال الابطال علي الورق غير عابئة بما يحدث حولها في واقعها و في لحظة الكتابة. فمثلا أتخيل الكاتبة في مقطع مثل الآتي و هي تتعجب و تبتسم في حيرة و تتساءل في غرابة و تعترف ضمنيا و تحاول اخفاء المشاعر و تحاول إظهارها و كل ذلك علي لسان و يد و تعابير وجه البطله فتقول .. ” فابتسمت برضا كمن نسيت أنني منذ دقائق فكرت كيف أقتله و أوراي جثته بعيداً عن أنظار تلك الفتيات، أظنني غرقت في عينيه و أعلنت الاستسلام، لم أضع الخطط للفرار بعد، أجهلا مني أم فقط لا أرغب في الهرب؟ لا أعلم كل ما أعلمه انه الآن خطر علي قلبي أخشاه كقدر أهرب منه و أنتظر بخوف اللحظة الأخيرة التي سنغلق فيها الأبواب راحلين؛ فأنا أعلمه جيداً بمشاعره المتقلبه المشتتة، و لذلك لن أجازف بالوقوع في علاقة محكومة بالفشل قبل أن تبتدئ. ”

هنا.. أو هنالك حيث أسرتنا، لا أرى “قمر” بطلة الرواية، بل أرى الكاتبة و أكاد أسمع صوتها تكتب ما تقوله بهدوء و تقول ما تكتبه بانسيابية دون كشط أو تعديل.. :
” الفراشات يا طارق الفراشات ستجذبك من جديد لمداراتها”
و علي لسان كريم تقول:
” لم دوما علي أن أكون المتسامح في حق من قتلونا، أريد أن أصرخ و أملأ العالم صراخا مشيرا إليهم فردا فردا، هؤلاء قتلة لم ينص القانون علي معاقبتهم و الآن أريد حقي من عمق أرواحهم جميعا، جميعهم قتلوني بلا رحمة، و لم يشعر بي أحد قط… ”

و لأن الكاتبة لا تكتب لمجرد الكتابه و إنما لقضية، فهي تفرد فصلا كاملا – الفصل السادس – تعرض فيه و برشاقتها المعتادة، كيف تسير العلاقات بين الشاب و الفتاة. كيف تري الفتاة الرجل و أبرزت في شخصية شريف النموذج المعتاد – و ليس الأسوأ – لكثير من الرجال في المجتمع المصري و إن كان بالنسبة لــسما هو الأسوأ علي الإطلاق بالنسبة للوسط الاجتماعي و المستوي الثقافي لهما، فــشريف و علي لسان سمـا يراه الناس: ” شابا ممتازا مادياته معقولة جدا و محترم و لكن أخلاقياته ليست بمثل ما تتصورون، إنها القشرة الخارجية فقط التي يريها للبشر، أما بداخله فعقله يمتلئ بالقاذورات… ”
و رسمت الكاتبة في هذه التفصيلة البسيطة و في صفحات قليلة حوارا واضحا و مباشرا و تعليقات رائعة تحمل فلسفة و عيوب العلاقات التي تحدث في مجتمعنا الحالي و في نفس الوقت أري ان عرض المشكله بتفاصيلها هو نفسه وَضْع حلول لها و ليس ذلك غريبا فقد فعلته الكاتبة حين تحدثت عن عيوب “شريف” فلم تجعل الحلول علي لسان “سما” لتطلب منه ان يكون له صفات معينه، بل جعلت من شخصية والد سما مثالا علي ما يجب أن يكون الرجل دون أن تتكلم بأي لفظ او تستخدم أي أحداث إضافية لتوضح ذلك..
هذه المقابلة بين شخصيتين و ضحت كل شيء و أنبأت عن الحل ضمنا دون الافصاح عنه بياناً
و هذا الفصل علي صغره عالجت به الكاتبة ما يكتبه مؤلفون آخرون في كتاب كامل، و كل ذلك بهدوء و روية تحسد عليها.
.
و نهاية الرواية بهذه الطريقة المفاجئة للكثيرين كانت بالنسبة لي متوقعه، ليس تفصيلا.. لا أبداً فقد انبهرت بذلك المشهد الختامي السينمائي المرسوم بعناية و بخبرة كاتب سيناريو و مخرج يستحقان الأوسكار لهذا المشهد، و لكن كان توقعي للحالة العامة للنهاية بالنسبة لسير الأحداث و تسلسلها .. فعندما يكون هناك أحد ما بشخصية طارق تسير به أحداث حياته كما قرأنا و رأينا ، و أنه بالنسبة له و لنا شخص ساعدته أقداره أن يعيش كل أحلامه و لا يمنع عنه القدر شيء.. فهو المحبب للفتيات و هو الناجح في عمله و هو المحظوظ بأصدقائه و هو الأكثر حظا بزواجه. فهل يحدث ذلك في الحقيقة أم أنه حلم !
ثم ماذا يحدث لكي ينهي الإنسان حلمه؟ يستيقظ. و لما يستيقظ هل فاز بشيء معه من حلمه؟ لا.
و لذلك أري المشهد النهائي بمثابة استيقاظ من الحلم و تلك القفزة هي القفزة التي بعدها نفيق من نومنا دون أن نكسب أي شيء من الحلم. فبعد أن نصل لآخر حدود الحلم، نفيق و ليس معنا شيء…
.
أما عن الكنز في هذه الرواية، فبعد اللغة الآسرة و المشاهد الدقيقة و الوصف المذهل بتعبيرات و تشبيهات و إحساس يضع الكاتبة في أعلى درجات الإشادة و النجاح و يكتب اسمها في قائمة قصيرة لأفضل من صوروا المشاعر في الأدب العربي..
هناك كنز آخر، القصائد و الخواطر الشعرية التي تزدان بها بداية كل فصل من فصول الرواية،
و هنا لي سؤال أرجو من كاتبتنا العزيزة أن تجيب عليه إن أرادت ذلك.. هل تكون تلك القصائد مذكرات قمر التي رافقتها محنتها خلال أحداث الرواية!
.
و كما زينت الكاتبة روايتها بقطع الماس في بداية كل فصل دعونا نزين لها ما نكتبه عن عملها الرائع آخر حدود الحلم بأن نقول لها شكراً من جمهور القراء الذين أسعدهم الحظ بقراءة العمل، و بشكل أدق، تذوق تلك الأحاسيس المنتشرة كالعبير في كل فصل و فوق كل سطر، يصف صداقة او يصف حباً او ضعفا أو خذلانا.. بتلك الألفاظ الهادئة و الإيقاع المتناغم و الجمال الصافي.
#Garrahi

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.