عادل غالي يكتب أحاسيس متضاربة
أحاسيس متضاربة تحيا داخلي وتمكث شظاياها بين أضلعي، هل ما مررتُ به في حياتي العالقة حقيقة مؤكدة؟ أم أنها هلاوس من نسج خيالي وترسخت داخلي؟
حائر بفكري الذي ترنّح في طرقات السكارى المظلمة، تائه بملامح البشر التي دمرتها أعاصير أيامي المبعثرة، مشرد بكياني الفاني في بقاع الأرض الخاوية، متعثر بإحدى قدميّ في رمال الصحراء القاحلة، فأصبحتُ من بعدها في تلك الحالة الغابرة، أعاني من اليأس والحيرة المفرطة لأنني فقدت رحيق الحياة الذي كان مستساغا لي بعد رحيلها. قد رحلت عني منذ وقت لم أعلم حسبانه جيدًا، وذلك على أمل العودة لي من جديد، ولكني تفاجأتُ بمرور الأيام والساعات المتزامنة مسرعة كسرعة البرق فأصبحت شهورا متوالية دون توقف من قبلها، بل أصبحت سنين أنهرها بشدة.
قد تركت حضني الخالد التي كانت شاغفة به وأردات أخذه مني عنوةً، وفضلت الانسحاب بهدوء متلازم كطبيعتها التي خلقت عليها، وذلك حينما زاد تعنيفي لها وتوبيخها كأنثى حالمة، حالمة بالحب المتبادل والعشق بيننا.
أعلم جيدًا أنني في معظم الأوقات كانت النفسُ تغلبني، وتميل بي إلى أهوائها التي ركضت خلف بائعات الهوى اللواتي أفضن عليَّ برغبات مكبوتة داخلي فأردتُ تحقيقها، رغبات ظننتها حقيقة ثابتة لا شك فيها قيد أنملة، ولكني تيقنتُ في نهاية الأمر بأنها لذات خلسٍ وليست دائمة، وذلك حينما رحل هؤلاء الغانيات عني بعدما تبخرت أموالي وذهبت هباءً منثورًا، فأصبحت في نظرهن حقيبة مثقوبة لا فائدة منها. في تلك اللحظات تذكرتُ بأن في منزلي حور من حوريات الجنة تنتظرني كعاداتها كل ليلة، سأذهب إليها كي تخمد بكفيها الحانية تلك النزوات التي داهمتني دون أدنى مقاومة مني، سأركض إلى عاشقتي بكل قوة أمتلكها طالبًا منها السماح والنهوض بي من جديد، ولكن بمجرد وصولي لعشنا الذي تبدلت أحواله والسبب يعود لي، صُعقتُ من هول الصدمة التي مزقتني إلى أشلاء متناثرة في عنان السماء، لقد تركتْ منزلي دون رجعة أو سابق إنذار من قِبلها، ولكن قبل رحيلها تركت لي رسالة نصية أفاقتني من غفلتي التي تغاضيتُ عنها في سابق السنوات، حدثتني بخطها المرتجف وبدموعها الحارقة التي تساقطت على تلك الورقة التي كانت بمثابة شهادة وفاة بالنسبة لنا: – لم يعد لي أن اتحمل أكثر من ذلك، سوف أرحل عن عالمك كي ألملم ما تبقى من الأنثى التي تحيا داخلي، إنني بشرُ ولستُ ملاكًا كما كنت تعتقد كي أتحمل عبثك الذي تغاضيتَ عنه تحت مسمى الحب النابض داخلي، ولكن الطاقة التي كنت أمتلكها قد نفدت مني فجأةً وتذكرتُ بأنني زوجة لك ولستُ بأمٍ كي تسامح وتغفر زلاتك.
..
تم التدقيق بواسطة محمود سيد