(عبدالرحمن بن زهران) يكتب
(ما بين العشرين والثلاثين)
إنها سُنَّةُ الحياة، طبيعة البشر، فطرة الخلق -أيا كان المسمى والوصف- ولكن في مثل هذا الزمان بالذات، لماذا يتكاثر المجتمع البشري بكثرة وبلا وعي ولا مبالاة؟
ألا يشاهد ابن آدم وحواء ما يجري حوله مِن أحداث تعجز الأقلام عن وصفها، ويتجمد المداد عند كتابتها، كما تكره الصحف أن تضمها؟
ألا يعاني من الجهل والفقر والجهل والمرض والجهل والجوع والجهل والنقص والجهل والانحطاط الأخلاقي والجهل والفساد الفردي والجماعي والجهل والازدحامات؟
كثيراً ما يدور في رأسي من بزوغ الفجر وحتى الخلود إلى النوم عشرات الأسئلة والاستفسارات مثل: لماذا يتكاثرون؟ ألا يرون؟ ألا يعانون؟ وأسئلة أخرى من هذا القبيل.
والآن أظن أن عقلي الفارغ المليء بالخزعبلات قد توصل إلى تلك السطور القادمة، والتي تدور حول الإجابة على الأسئلة المطروحة أعلاه.
يُولد الإنسان -المفيد والضار- في عصرنا الحاضر نتيجة بضع دقائق من السعادة الطارئة، وعلى غير العادة، بين ذكر لئيم وأنثى مسكينة، بدأت القصة عندما قرأ هذا الذكر اللئيم ذات يوم على “الفيسبوك” جملةً قام بنقلها مخبولٌ -سامحه الله- لا يعرف ما ينقله، ولا مِن أين، ولا إلى مَن، كانت تلك الجملة هي “قلب الأنثى في أذنها”، وفي ليلة غبراء لا قمر فيها ولا هواء، استعمل الرجل عقله -بعد أن أكله الصدأ- وراح يغوص بذاكرته في شِعر ونثر القدماء والمعاصرين من العرب والعجم، يبحث عن كلمات رقيقة، تقع على قلب زوجته كجلمود الصخر -المذكور في معلقة امرئ القيس- من حيث سرعة التأثير وقوة التعبير، فوجد الكثير والكثير من جواهر الكلمات ودرر المعاني، وأخذ يمدح (شملولته) قائلاً: أنتِ القمر والقمر أنتِ، لا مرضتِ ولا حزنتِ…….
وهو يتمتم بينه وبين نفسه: أنتِ الظلام وعيشك حرام، لولا السجون طعنتك بالحسام….
فرحت المسكينة بهذه الكلمات وطارت في سماء العشق كالفراشة، ومضت الليلة بسلام أراده الله سبحانه وتعالى، وفي ذلك يطول الكلام….
يأتي الإنسان إلى هذه الدنيا بهذه الطريقة أو بطرق مشابهة لتلك الطريقة، وتمر السنين من عمره لا يشعر بها، ولا يدرك ما يدور حوله مِن أحداث إلى أن يصل إلى ما بين العشرين والثلاثين، فينظر حوله فإذا الدنيا قاسية، والمجتمعات بدائية -رغم التطور والتكنولوجيا والعلم الحديث-، بعض البشر من حولك وحوش، وبعضهم خراف لهم قرون أبشع من قرون الشياطين -السادة الديوثين-، وبعضهم لا يشبه هذا ولا ذاك، فهم نوع لا تعرف طبيعتهم ولا يمكنك التعايش معهم، فيفكر الإنسان ويتأمل ويبحث عن طرق يتعايش بها في هذا المجتمع، وفي نفس الوقت يطرح على نفسه تلك الأسئلة التي طُرِحَتْ أولاً محاوِلاً الإجابة عنها، ويحدث نفسه قائلاً: إذا كان هذا الذكر اللئيم -أبيه- قد عاش في هذا المجتمع من قبل وشاهد وعاصر كل تلك الأحداث والأمور، فما الذي دفعه للقيام بعملية التكاثر؟ ليزيد الطين بلة؟ أَمِنْ أجل ساعة من المرح يطرحني في هذا المجتمع ثمانين سنة أعاني فيها كل تلك المعاناة؟ أم من أجل أنْ أذوق الذي ذاقه؟ أفعل هذا لينتقم مني؟ ماذا فعلتُ له حتى يفعل بي هذا؟
ثم ينتقل إلى المسكينة -أمه- ليلقي عليها القليل من اللوم قائلاً: أين كان عقلها في تلك الليلة؟ لِمَ لَمْ تُنكد عليه تلك الليلة كما تفعل في كل الليالي؟ هل حقاً قلب الأنثى في أذنها؟
وتمر الأيام والليالي على الإنسان في الفترة ما بين العشرين والثلاثين وتلك الأسئلة تلاحقه، وهو يبذل قصارى جهده وطاقته في البحث عن أجوبة أو أسباب أو حلول ولا يجد، ويعيش في مجتمعه مضطراً لتحمل ما يعانيه المجتمع ويشاركهم الجهل والمرض، …… إلخ.
وتسرقه الأيام والليالي ليجد نفسه متزوجاً من (شملولة) قلبها في أذنها، وفي ليلة غبراء لا قمر فيها ولا هواء كليلة أبيه، يتصفح هذا الشاب موقع (الفيسبوك)، ليجد نفسه يقرأ نفس المنشور الذي مر عليه أكثر من عشرين سنة لنفس الناقل، فيستعمل عقله -الذي أكله الصدأ أيضاً، والسبب في ذلك كثرة ما يدور في رأسه- من أجل أن يوقع تلك المسكينة في شباك كلماته، ليرتكبا معاً جريمة لا يعاقب عليها قانون المجتمع البشري، وهي إنجاب طفل يقاسي ويعاني من مجتمعه ويزيد من بلاويه.
انتهى.
📝بقلم: عبدالرحمن بن زهران
الجمعة 17 سبتمبر 2021
قبل منتصف الليل بتوقيت القاهرة
مُدَقَّق لُغوياً بواسطة: عبدالرحمن بن زهران