شيماء يحيي تكتب
على جنب يا سطى
تاكسي ..تاكسي
فاضي يا سطى؟
كوبري عبود..
تركب الأم تتبعها الابنة ذات التسعة عشر عاماً وقد أثقلها ما تحمل.
– أنتِ شايله إيه في الشُنط دي يا ست الحبايب؟
– عدّيت على السوق أنا وخالتك جبنا شويّة حاجات
كرتونة المانجا في سوق فيكتوريا أرخص ١٠ جنيه من عندنا،
البرتقال العصير ال(٤) بعشرة، عسل نحل تفتحيه تلاقي قلبه أحمر.
– سلامة قلبه،
تسلم إيدك يا ست الكل
وشوية مخبوزات من الفرن اللي قُدّام المستشفى،
“الكروسوان” طالع سخن يفتح النفس،
جبتلك بالجبنة، اللي بتحبيه،
عملتِ إيه في الجامعة؟
– محاضرة لطيفة عن أصل الحضارة المصرية، ويا ترى هي فرعونية، ولا يونانية، قبطية ولا عربية، إسلامية، ولا ملوخية.
– وطلعت إيه؟
– مهلبية..
كنتِ في المستشفى ليه يا ماما، خير؟
– خالتك كانت بتكشف على عينيها؛
الدكتور قال لها لازم تعمل “الليزك”،
ربنا يدّبرها من عنده.
– سلامتها، ربنا يعافيها
على جنب يا سطى
أُؤمر
– ٤٠ جنيه
– المشوار ده على طول ب ٣٠ يا سطى، ٤٠ ليه؟!
يرفع السائق صوته..
– دي تبقى علينا بخسارة يا حجة.
يُفتَحُ الباب ليخرج من “التاكسي” قُرابة المترين من اللحم البشري المتراكم؛
ليصنع جثة هذا الكائن الضّخم!
تتدخل الابنة: طول عمرنا بندفع٥٠ جنيه في المشوار ده،
تفضل حضرتك الخمسين دي،
معكش فكّة صح؟
مش مشكلة..
يبقى لنا..
سلامُ عليكم،
يلا يا امّا الله يكرمك.
ينطلق السائق مسرعاً فرحاً بغنيمته.
- إيه يا بنتي اللي بتعمليه ده؟! أنتِ بتكدبيني قُدّام الراجل!
هو إحنا أول مرة نركب المشوار ده؟!
ما هو ب ٣٠طول عمره. - يا امّا الراجل لو نفخ فينا هيطيرنا.
- يقدر يعمل حاجة! ده إحنا في قلب منطقتنا.
- يا امّا إحنا فوق الكوبري وبِنَّا وبين العمار “نص كيلو”؛
على ما حد يسمعنا يكون كلّ دراعنا إحنا الاتنين،
دراعك ميسواش ٥٠ جنيه. - مش مسألة فلوس؛
إحنا كده بنشجع الجشع، وبنسكت عن حقنا. - أهلاً بيكِ في أمّ الدنيا،
هو حقنا في أُجرة التاكسي بس هو اللي ضايع؟! - تفلسفي أنتِ، وتكلمي في السياسة لحد ما هيمسكوكِ،
بلدنا أحسن بلد، ورَيّسنا أحسن رَيّس.
أُمّال لا..طبعاً طبعاً. - ألا أنتِ عاملة لنا إيه على الغدا يا ست الحبايب؟
- سلقت اللحمة قبل ما أنزل؛
هعمل شوية فتة وملوخية على السريع. - تسلم الأيادي.
بتألشي عليّ يا بنت أبوكِ، طب منتش واكلة. - كل ما أشوفك يا أما؛ أتأكد إننا أحفاد الفراعنة.
اشمعنا؟ - بتعملي فتة وملوخية على السريع؛
يبقى أكيد مش هنغلب في بناء الأهرامات،
ويقولك كائنات فضائية قال!
إشاعات مُغرِضة. - البلد دي بخير؛ طول ما أنتم فيها يا حبيبتي،
ربنا يبارك فيكم يا شباب مصر، يا ضهر مصر اللي سندها. - آمين يا ست الكل، بس
ابقي خفي الشنط شوية يا أما؛ عشان ضهر مصر بعافية.