هذه هي الحياة
ناريمان جمال عوض
تُغير فينا الحياة يومًا بعد يوم..
تجدها تغير فيك قناعاتك وتفكيرك ومشاعرك وحتى أمنياتك وردود أفعالك تجاه الأشياء والأشخاص والمواقف يومًا بعد يوم، فما بت تفكر فيه اليوم ستجده يختلف تمامًا عن الأمس، وما كنت تشعر به بالأمس سيختلف تدريجيًا ثم كليًا عن الغد.
وما كنت تستنكره وتأباه سلفًا قد تجعلك الأيام تتقبله لاحقًا وتراه هو الأصح والأصلح، وما كنت تتمناه ولم تنله ستثبت لك الأيام أنك لم تكن صائبًا في تمنيك ذاك، وأن ما حدث لم يكن هناك أصوب منه ليحدث، ففي أقدار الله الخير كله وليس هناك بأعلمٍ ولا أحكمٍ منه سبحانه؛ هي فقط قدرتنا القاصرة على النظر للأمور حينها.
وما كان يصعب عليك تقبله بالماضي القريب وقد يسبب لك الأزمات والشجون أو الذهول والتعجب والدهشة حينها، ستجده بعد قليلِ القليل من الزمن يمر عليك مرور الكرام، فقط تبقى ذكراه راسخة بالبال أيًا كان حالها الذكرى، طيبة كانت أو مؤلمة.
والأعجب من ذلك كله، ولنا فيه كل العجب، أن ما كنت تكرهه قد تحبه يومًا، وما كنت تحبه قد لا يعني لك شيئًا البتة مع مرور الزمن.
تعلمنا الحياة أنها مراحل؛ مرحلة تنتهي لتسلم زمامها لأخرى، ويكأنك في كل مرحلة تولد فيها كإنسان جديد، ولكن آثار الزمن القديم حفرت بمخالبها أنفاقًا داخلك، فساهمت في تشكيل قسماتك الجديدة. مرحلة تجب ما قبلها لتتيح الفرصة لما جاء بعدها، كيما تكتمل كل الأطوار لتتشبع فيها بكل الأدوار.
هكذا هي الحياة، ما بقيت يومًا على حال، وثبوتها بكل ما فيها على أمرٍ لهو حق المحال.