يوميات رجل كئيب
ــــــــــــــــــــــــــــــ
لماذا يا صديقي تبدو كئيبًا؟
لماذا لا تشعر بالسعادة؟
بل لماذا تراقب الناس وتستشعر أحوالهم!
لمَ تبحث عن كل ما يؤلم روحك ويؤذي قلبك؟
ألا يمكنك أن تستيقظ صباحًا فتتناول افطارك من ثم تتريض قليلًا وتشرب قهوتك الصباحية.
ألا يمكنك أن تشاهد الأخبار الزائفة والتي لن تتجاوز أحد أمرين فإما أكاذيب بلا توقف أو مبالغات لا سقف لها.
يمكنك كذلك أن تتجول بين القنوات لتتابع ما يحدث بلا مبالاة.
أعلم أنك بقرارة نفسك ومن داخلك لن تصدق ما سيخبرونك به ولكن لا بأس يا صديقي إن صدقتهم فربما لو صدقت ما يقولونه سيرتاح ضميرك ولن تشعر بالاستياء أو الغضب.
حسنًا لا بأس أيضًا ببعض الغضب يمكنك التعبير عنه
بتغريدة على تويتر أو صورة على أنستجرام أو حتى بوست على فيس بوك تنتقد فيه بهدوء ما يدور من حولك لتظهر إنسانيتك قليلا.
وهكذا يا صديقى سيمضى يومك بلا مشاكل بلا كآبه بلا ألم.
نعم يا صديقي سيمر اليوم كسابقه وكاليوم الذي سيليه ستتناول غداؤك من ثم يمكنك أن تغفو قليلًا لتستعيد بعض نشاطك.
وعندما يأتي المساء لن تكون هناك مشكلة فالمساءات حبلى بالخيارات المتعددة فإما تذهب إلى المقهى لتلتقي بعض الأصدقاء أمام مباراة لكرة القدم أو حتى تذهب إلى أحد الأندية لتتريض قليلًا وتستعيد نشاطك الجسدي والذهني .
إنتظر يا صديقي ما زال هناك بعض الخيارات فهناك السينما أو يمكنك أن تختلي باللاب توب لتشاهد فيلمًا جديدًا لأحد نجوم الكوميديا أو أحد أبطال الأكشن وبعد ذلك تتناول عشاؤك بالخارج لتعود ليلًا منهكًا كما يمكنك أن تطلب الطعام تيك واي من ثم تسترخى أمام التلفاز بصحبة بعض المكسرات ولكن حذار يا صديقي من متابعة نشرات الأخبار المسائية فهى كفيلة بإصابتك في مقتل أو على أقل تقدير ستصيبك بالسكري والضغط لذلك فإحدى القنوات الكوميدية ستفي بالغرض فكما تعلم يا صديقي وكما يقولون فإن الضحك مفيد جدًا لعضلة القلب.
وهكذا يا صديقى ستمضي الأيام بهدوء وسكينة ما بين العمل وتمضية أوقات الفراغ حتى تصادفك بنت الحلال
ليدق قلبك بالحب من ثم تتزوج وتنجب لتربى أولادك كما ينبغي لأي مواطن شريف أن يربي أولاده ليصبحو مواطنين شرفاء
يولدون ويعيشون ويموتون دون أن يكترثوا لأحد أو يكترث لهم أحد فما أسوأ يا صديقى أن تمتلك قلبًا يحتوي الجميع ويشعر بأوجاعهم.
نعم يا صديقي الشعور بألام الأخرين والتعاطف معهم جريمة لا تغتفر وإثم وجب التطهر منه.
أن تمتلك ضميرًا يقظًا فهذه جريمة! أن تمتلك لسانًا ينطق بالحق فهذه جريمة!
أتريد أن تكون إنسانا بعالم لا يعترف بالانسانية؟
لا تفعل يا صديقى فهذا الأمر مؤلم أكثر مما ينبغي.
لماذا يا صديقي لا تعش سعيدًا أم أنه وجب عليك أن تتألم وتؤلم الأخرين فقط لتثبت أن عالمنا لم يخلو من الإنسانية.
لا تهتم يا صديقي بكثرة حوادث الإنتحار ولا بنوعية الجرائم الغريبة على مجتمعنا.
بمن ستهتم يا صديقي هل لأولئك المرضى على قوائم الإنتظار أم لطابور العاطلين عن العمل أم للعالقون بين الحياة واللا حياة؟
لا تتعمق كثيرًا يا صديقي في محاولة الفهم فالتجاهل نعمة والتغافل ميزة والنسيان صفة أساسية.
نعم يا صديقي سيمر يومك بلا مشاكل فقط لا تهتم فالمهمشون لا يهتم بهم أحد.
بالنهاية أعلم يا صديقي أن داءك لا دواء له وأعلم أن روحك المنهكة وقلبك الموجوع لا شفاء لهما وستظل مشاعرك تستنزفك حتى أخر نبضة قلب وزفرة هواء.
ولكن أتراه يستحق؟
ربما أنت محق يا صديقي والأمر يستحق.
لا شك يا صديقي أنه يستحق فحياة بلا ضمير بلا مشاعر بلا إنسانية ليست حياة.
أيمن موسى