محمد كمال يكتب “عن الوِحدة”
الوِحدة أمر خطير جدًا ومدمر جدًا، لا أرضاه لأحد حتى ولو كنت أكرهه، وكذب وخدع نفسه قبل الناس، مَن ادّعى أنّه يحبها. أن تَفرضها على نفسك أمرٌ شاق، وأن تُفرَض هي عليك أمرٌ في غاية الشقاء.
هكذا خلقنا الله “مُجتمعيين” ؛ لنتعايش ونتحاب ونُعمّر الأرض. ولو انغلق كل منّا على نفسه ومع نفسه لفسدت الأرض.
فيلم “Cast away” بمعنى منبوذ أو رُمي بعيدًا، هو ترجمة حيّة لما أقوله الآن، تَجرِبة رائعة لردع كل مَن تُسول له نفسه الضعيفة بالانعزال.
سقطت طائرة تشاك نولاند “توم هانكس” في المحيط، ولا أعرف هل من حسن حظه أو من سوءه أنه نجا! لأنه وجد نفسه على جزيرة ليست مأهولة، ليس بها أحد، وتقريبًا لا تصلح للعيش.
وتجسيدًا لمقولة: “تُريد الموت؟ ارمِ نفسك في البحر؛ وستجد أنك تصارع لتعيش، أنت لا تريد قتلَ نفسك.. أنت تريد قتل شيء ما بداخلك” صارع تشاك نفسه الضعيفة التي تحثه على الاستسلام ومواجهة مصيره بخنوع.. صارع وصارع بقوة.
وفي أحد صراعاته مع نفسه، اتخذ له صديقًا وهميًا؛ كي لا يُجنّ.. وإن كان ما فعله هو الجنون بذاته!
كُرَة طائرة تقاذفتها الأمواج إلى أن وصلته، رماها مرة وكفه ملطخة بالدماء لتعود إليه ثانية، لتحضره فكرة الأُنس بشيء لتبديد وَحشته.. أي شيء ولو كان كُرة!
رسم عليها وجهًا وجعل يُحادثه فترة بقائه في الجزيرة، وأسمى صديقه.. “ويلسون”.
لنخرج بفكرة: “لا يُشترط في الرُفْقة وجود إنسانٍ فقط، فرُبّ كُرةٍ طائرة أنجتنا من الجنون.”