” حكايتنا ” قصة قصيرة
فِي صَبَاحٍ مُعتَادٍ ، وفِي بَحرِ الأزرَقِ يَسبَحُ إِلَىَ شَوَاطِئ البَيضَاءِ يَقطُرُ زُرقَةً ، تُنَادِيه فَلَا يَكْتَرِثُ ، تُلَاحِقُه ولَا يُبَالِي ، تَرمُقُه يُلقِيهَا مِنْ عَينَيه ، يَمضِي ؛ تُنَادِيه :
- فُكْ قَيدِي ..
- لَنْ تَجِدِي لَكِ مَأوَىَ ، فَلَا جَدوَىَ مِنْ ارتِحالِك آلَافِ الأميَالِ فَوقَ البِحَارِ إِلَىَ أرضِي ، فَقَطْ أقفَاصٌ فِيهَا تَصرُخِين وتَئِنِين ويَظنُّونَك تُغَردِين .
- فُكْ قَيدِي فَلرُبَّمَا وَجَدْت شَجَرَةً مَازَالَت مُورِقَةً أستَظِلُّ بِهَا أُعَشِشُ بَينَ أورَاقِها أو بُحَيرَةً تَتَمَتَعُ بِالصَّفَاءِ أسبَحُ فِيهَا .
- لَا عُيُونَ تَرَاك ؛ فتَسبَحِين فِيهَا ، ولَا عُقُولَ مُورِقَةً تَعي مَقَاصِدَك ؛ فتَحُطِين عَلَيها ؛ رُدِمَت العُيُونُ الصَّافِيةُ ، واجتُثَّت العُقُولُ المُورِقَةُ ؛ خَيَّم الأسمَنتُ يَملَأُ المِسَاحَاتِ ، وعَلَىَ كُلٍ لَك مَا تُرِيدِين .
يَجِفُّ قَطْرُ الأزرَقِ عَلَىَ شَاطِئِ الأبيَضِ ، يَفُكُّ قَيدَهَا يُطلِقُ عَنَانَهَا ويَمضِي ، وبَينَمَا يَسِيرُ يَتأمَلُ صَفحَةَ بَحرِ الأزرَقِ وقدْ التَحَف بِبُقعَةِ الزَّيتِ الأسوَدِ ، تَلتَقِطُهَا عَينَاه وقدْ لَطَّخَهَا الزَّيتُ الحَالِكُ ، تَتَقَاذَفَهَا الأموَاجُ ؛ لَا تَقوَىَ عَلَىَ الطَّيَرَانِ ، تُواجِه مَصِيرَهَا المَحتُومَ عَلَىَ رِمَالٍ لَطَّخَتهَا قَتَامَةُ الزَّيتِ ..
يَهِيمُ مَعَ ابتسَامَتِه البَاهِتَةِ تُغَلِفُهَا الحَسَرَاتِ ، تُحَلِقُ عَينَاه بَحثاً عَنْ عُيُونٍ تَسبَحُ فِيهَا طُيورٌ أو عُقُولٍ مُورِقَةٍ خَضرَاءَ تَحُطُّ عَلَيَها ذَات الطُّيُورُ ، يَصرُخُ ، يَرتَدُّ صَدَى صَوتِه خَالِي الوَفَاضِ
بقلم سمير لوبه
18 / 12 / 2021