بين ورد و شوك
وقعت عيني على ربوة فامتطيت حصان الخيال و ارتميت على الأعشاب بين ورد و شوك فتركت جسدي وحررت نفسي فاهتزت الأرض و انفجرت ينابيع المياه وانطلقت مدفوعا بقوة سحرية . فوجدت نفسي في رياض لم أرَ مثله قط فقد كان الجمال يغمر الأرجاء فترى العذارى يرقصون يمينا وشمالا و يغنّين و ينشدنَ أغانٍ تبعث فيك السكينة فلا تجد صخبا و عواء و الملائكة يحملن نايا سحريا يجمع الطيور أسرابا يرسمن بذلك حياة الطهر والصفاء و النقاء فيصمت و تتفرق الطيور ثم يرجعن الكرة وترى قصورا من الثلج فوق الجبال تلمع منها المجوهرات و البخور يملأ المكان فتستنشق رائحة الورد والمسك والعنبر. تابعت النظر في المكان فرأيت أشجارا وغابات من العنب الأخضر الناصع و الجواري يعصرنه خمرا ويسقين به الملكة فكأنه عرس أقيم من أجل هذا الإنسان الأسير الذي يحن إلى زمن فيه سحر الطبيعة، فنلامس فيها الحياة .هي منبع لاستنباط كلمات الحب والشعر ففي هذا العرس جمال وصورة ناصعة تريد لو تنطق. صمت بدل الكلام ورأيت وادا من اللبن الأبيض فاقتربت منه لأروي عطشي ولكن استمعت إلى صوت زعزع المكان وخشع كل الناس فإذا هذا الصوت يشبه صوت البعثة الأولى التي انبعثت فيها الحياة والجمال الغني بكل المعاني ” أنا ملكة الخيال عرجت بك الي السماء لكي أدعوك لمعرفة حياة الطهر والنقاء و لتستنشق عبيرها فأنت اصطفاك الله من كل الخلق لارسال رسالة لبني البشر بأن الحياة كانت جميلة طاهرة لم يمسسها النجس وإنما الإنسان هو المفسد في هذا الزمن الظلوم المحطم للجمال أنت الاَن رأيت الحياة الحقيقية فالجمال يملأ المكان والينابيع تروي الحياة والزغاريد تملأ الاَذان وقل لهم إن الناطحات ينخرها الدهر وإن دنس الطبيعة سيخضر وينتج وإن نُهبَ ثمارها فسيشهد لها التاريخ. بلغهم الرسالة وقل إن الحياة جمال وطهر ليست تدنيسا لحياة الطبيعة فإن مات الجمال ماتت الحياة . اهتزت الأرض ورجعت إلى ذلك الجسد الأسير وتركت تلك الأحلام ورجعت لسماع الطلق وراية الدمار فيا حلم عد و يا حرب كفي عن الدمار .
فارس سعيداني يكتب بين ورد وشوك