بقلم /آلاء هشام
الطريق إلى حياة
تبدو قصيرة جدا لكل واحد منا ولكن ما أشد ما فيها ، فقد
امتلأت بالصراعات والمشاكل ، وضعت من أجلها قواعد تغافلنا عنها ، أسموها حياة فلم نفهم معانيها
أنزل رب الأرض والسماء قواعد لتحمينا، لتهذب غرائزنا، بها تنصلح حياتنا وبدونها نشقى وكأننا ما حيينا ، نظن أننا نفعلها لأننا ملزمون بها فإما ثواب أو عقاب ، ثم تمضي بنا الأيام وتنضج عقولنا لنكتشف أنها ما وضعت إلا لإرضائنا
انبثقت تلك القواعد من الدين ، تدعو للتسامح والوئام ، ونبذ الفرقة والعداء ،ونشر ثقافة التعاون، والإيمان بمبدأ التكامل والتعايش سويا ،وكل هذا يولد الحب الذي يحي القلوب وينعش فيها حب العطاء ،وتحطيم الظلم والنظر بعين الإنصاف لحقوق الآخر
أتت لتنبه المرء أن واقعه مليء بالكثير فعليه ألا ينغمس بداخله حتى لا تضيع هويته ،وأن يعطي للضمير مكانة في نفسه
لفتت الأنظار إلى حياة مشوهة كلما سار المرء فيها لطخته بما حوت، حتى إن حاول الفرار فلا يوجد مفر، ومثال ذلك كمن يجالس قوما فترة من الزمن فتجده ودون أن يدري يكرر كلمات ربما لا تكون محببة لنفسه، ولكن أصبح يرددها بلا وعي ولا إرادة ،وكذلك جلوسه على مواقع التواصل الاجتماعي أوقاتا طويلة ثم ينهض بعدها للنوم، فهو لم يترك للعقل وقتا ليفكر، ولم يسمح لضميره بالنهوض فأصبح تابعا تحركه الأهواء والعصبيات دون أن يدري
لم يجد للسلم الإيجابي سبيلا وإنما كان سلمه سلبيا دائما، يظهره فقط عندما يدرك الهزيمة أو عندما يتملكه الخوف. ويتجلى ذلك بوضوح في الأسرة، فقد ترى الولد مطيعا وأنه على استعداد لتنفيذ كل ما يأمره به أبواه فإذا به يسير عكس ما أُمر ، والسبب في ذلك افتقاده لغة الحوار وخوفه الدائم من العقاب ، فهو لم يدرك لم هذه ممنوعة وجميع أقرانه يفعلون هذا، ولم يشعر بخوف أبويه عليه، لقد شعر فقط بالقسوة والغلبة
بات عندها وحيدا وسيدا لأمره كما أوهمه فكره وظن تقليده لمن في سنه هو عين الصواب فأصبح دمية تتغير وفق صيحات الموضة مثلا وإذا ما وجد من يحدثه بلهجة حانية يُظهر من خلالها المودة وقد تكون بغية المتحدث الإيقاع به وإيراده المهالك، فيصبح ذلك المسكين خادمه مستعدا لتلبية رغباته
لقد تحول إلى عبء على كل من حوله فبدلا من البناء والإعمار أصبح أداة للخراب والتدمير فالسطوة عنده هي اللهجة التي يتقنها فقط محاولا قدر المستطاع كبت مشاعره والظهور بمظهر الجاحد والمنكر للخير والإحسان المفتقد له ، وعندها لا سبيل لتقويمه ولا تؤثر فيه العقوبات مهما عظمت، إنما تردعه خوفا وتؤثر فيه جسديا فقط ولا تصل لقلبه أبدا فيعاود فعلته مرارا وتكرارا حتى ينتهي ،فلم يدرك لم عاش
وهل هذا هو العيش؟! ،لقد كان فقط مجرد كابوس مزعج أبى ألا يستقيظ منه
لقد رأى أن الاعتراف بنقائصه هو العيب بذاته و أنه يقلل من قدره ولم يسأل نفسه ألم توضع هذه المشاعر في داخلي لأفصح عنها؟! وأن البكاء مثلا ليس ضعفا والاعتراف بالخوف والحزن ليسا عيبا، وإنما رد فعل طبيعي لشيء سكن قلبه وهذه الدموع ترجمة لها فحسب ،لم يتعلم أن الإفصاح هو خير وسيلة للإصلاح ، عاث في الأرض الفساد حتى إذا ما استفاقت نفسه ورغب في الشعور بالأمان لم يجد من يدعمه أو يصدقه، لقد أظهر سوآته أمام الجميع فلم يجد لنفسه مأوى ليتوب من زلاته.
ولأجل مجتمع صالح معترف بنقائصه ساعيا للتكامل بمجتمعه ،علينا إبصار العقول بوجود الآخر وحقوقه ، إدراك أن السماء والأرض وسعتنا جميعا وأن العقول فقط بحاجة لأن تتسع وذلك بالعودة لتعاليم الدين وأن الله خلقنا لنسعد لا لنشقى ونُشقي من حولنا ،الدين يلغي العصبيات وينادي بعدم إكراه أحد على الدخول فيه ، كما يدعو الأسرة لتنشئة جيل سوي شعاره الحوار والتفاهم وكذلك التعامل مع كل مرحلة عمرية بطريقة تناسبها
الاعتقاد بوجود الخطأ والاعتراف به والرجوع عنه، رغبة في إصلاح النفس والمجتمع
عدم ترصد أخطاء الآخرين وتذكيرهم بها من حين لآخر وافتعال المشاكل استجابة لانفعالات الهوجاء
إمساك اللسان عن التعبير قبل التفكير واجعل من الابتسامة دواء لعبوس من حولك ووسيلة لدرء الهموم عنهم
وبذلك يخرج المجتمع من براثنه الآسنة إلى قممه السامقة وتنتشر المحبة ويعم السلام كافة بقاع الأرض