دفنتها فقتلتني
لقد كانت أمسية عادية كباقي الأماسي و التي تعودنا بها على المآسي ، أيام تمضي ننظر فيها إلى الروزنامة على الجدار و قد شطبنا أغلب مربعاتها أنها تعطي تصور حقيقي لقتلنا أيام حياتنا
دخلت إلى المكتب كعادتي فوجدت حبيبتي مسجاة على السرير قد فارقتها الحياة لقد كانت دائما تقول إياك أن تظن أنني سأموت قبلك
أخذت أنظر إليها مرار و مرارا و أنا أعيش اللحظات متذكرا كيف أني أحاول الوصل إليها، لقد كانت دائما تسبقني بخطوة فلم تصل إليها يدي أو هكذا كنت أظن
و أنا الآن عرفت أن البون قد أصبح شاسعا و أن يدي لن تصل إليها أبدا.
جلست إليها و أخذت أطيل النظر إليها
أنت لم تكوني مستحيلة أبدا و لكن أنا من خذلتك و خذلت نفسي
ها أنت قد رحلت و تركتني وحيدا دون غد لم يعد للحياة معنى و ليس للصبح من بشائر .
هويت بقربها أن أمسح جبينها و أداعب جذائلها التي ربما جعلتني طوال سنين آكل كل التفاح المحرم و أخرج من الجنان ، جنة تلو أخرى أملا في جنتها التي لم تسعفني الأيام في دخولها
احتملتها بين ذراعي بعد أن احتفرت لها حفرة في باحة المنزل لقد كانت أنفاسي تتثاقل و جسدي يترنح
وضعتها في الحفيرة و أخذت أهيل عليها التراب
ومع كل حفنة تراب كانت تخور قواي
لم يعد يهمني سوى أن أكمل قداس الوداع الجنائزي لها فيبدو اني لاحق بها
اكملت دفنها و فتحت وصيتها التي أمرتني أن أكتبها على قبرها
فصدمت مع أول سطر فيها
وقد كتبت
حبيبي لطالما انتظرت قربك و لكنك خذلتني
إن الأحلام و الطموح عندما تجعله أمامك سوف يستمر شغفك به فحافظ عليه حيا
فعندما تيأس منه سوف تدفنه فيقتلك
فانتبهت ، أي مخبول أنا هل أدفن حلمي و أنا ما زلت حيا
فهرعت كالمجنون أنبش القبر و لكن أنفاسي لم تعد كافية فسقطت جواره