محمود حامد.. يكتب
قصة قصيرة بعنوان “روح وريحان”
الجزء الأول
-أنا بحبك أوي..
-بتقولي إيه؟
-أكيد أنتَ سمعتها ومش هقولها تاني..
-عارفة يا ريم ، أنا عشت حياتي كلها بحلم بيكي، ماتستغربيش.. كل لوحة رسمتها ملامحك كانت فيها، طيفك كان بيحاوطني وأنا دايمًا في كل مكان، حتى وأنا في شغلي كنتِ حاضرة وشاهده يمكن مش بجسدك لكن روحك كانت موجودة، لما كان الشغل ومشاكل الحياة بتزيد كنت بهرب منهم علشان أجيلك، هي لحظة تأمل وتفكير وبتكوني موجودة معايا علشان تهوني علي كل شيء، زمايلي كانوا بيقولوا علي مجنون “في حد يحب شبح.. ده مختل..” كنتِ بتكبري معايا يوم بيوم كل لحظة.. دقيقة بتمر من عمري كنتِ معايا فيها.
” لسه فاكرها من أيام ما كانوا في ابتدائي” كلام كتير اتقال واتقال لكن صدقيني عمري ما فكرت في غيرك، لسه فاكر لهفتك لما وقعت على إيدي وانكسرت، عارفه وجع الألم هونه لهفتك، لسه فاكر وأنتِ بتجري علشان تساعديني..
“ألف سلامة عليك يا مازن.. أنتَ كويس” ده كان كلامك وقتها فاكره بكل تفاصيله، وقتها حركت إيدي رغم الألم علشان أشوف في عنيكي ضحكة بدل دمعة اللهفة والأسى.. *******
بيقولوا اللي بيحب بجد بيغفر لحبيبه لأن الحب أسمى من إن مشاكل الحياة تلوثه، أول ما شفتها ما فكرتش لحظة غير إني أخدها في حضني، نسيت كل شيء، أو تناسيت كل شيء، قولت في نفسي “هي فضلتني على نفسها وعلى أهلها وعلى حياتها وكل وقتها، اللي حصل ده مش بايديها التمست لها العذر، أنا بردوا لسه بحبها حتى لو نافقت الكون كله بإني نسيتها، مقدرش أكذب على نفسي وأقول غير إني.. بحبك.
رفعت طرف حاجبها الأيسر قائلة:
-أخيرَا قلتها! ياااه
- صدقيني أنا ياما قولتها.. قولتها لنفسي وفي نفسي، خوفي عليكي كان يمنعني إني أنطقها، شعوري إني ممكن أخسرك لآخر العمر ظل حائل يمنعني إني أنطقها، كان كفايه قربك مني، ضحكتك، لمستك لإيدي، تشجيعك لي على مواصلة رسم لوحات وبورتريهات.. كل ده كنت خايف إنه يصبح رماد، كل رسالة كتبتها لك عندي منها نسخة ولسه محتفظ بيها..
مرة واحدة لقيتها بتبكي، لأول مرة أشوفها بتبكي بالشكل ده، قربت منها حاولت أهديها، دمع عنيها الدافي كان سيل شبه مطر الشتاء اللي فات، كلمة واحدة قالتها وسط البكاء..
-سامحني.
سامحتها لإني بحبها و اللي بيحب بيسامح، هي صحيح اتجوزت غصب عنها، لكن القدر كان رحيم بقلبي وقلبها، والفرح ينقلب ميتم ويروح العريس في خبر كان بسبب ثأر قديم..**********
- بابا هي ليه ماما ريم راحت عند ربنا؟
- لأن دي سُنة الحياة يا حبيبتي.
-يعني سُنة الحياة يا بابا؟
“ضُحى” دايمًا بتسأل على ريم “الله يرحمها” وأنا وهي بنروح نقرأ لها الفاتحة وناخد معانا ورد وفل وياسمين وتفضل ضُحى تلعب وسط الأشجار لحد ما يغلب عليها النوم، أكون أنا انتهيت من أعمال زراعة شجرة جديدة من أشجار الريحان..
.
.
.
-مازن.. أنا خارجه في مشوار سريع، مش هأخر يا حبيبي.
رفعت طرف عيني ناحية الباب وابتسمت لها ورجعت أكمل بورتريه كان زبون طلبه ودفع حسابه مقدم،. شغلي زاد بعد جوازي من ريم، وبفضل الله ماكنتش ملاحق على الطلبات، كان قدمها قدم السعد ، بعد جوازنا بشهر كنا بننقل في السكن الجديد في مدينة ٦ أكتوبر، وربنا كرمني بعربيك آخر موديل، الحياة ضحكت أخيرًا..
نصف ساعة فعلًا ولقيتها راجعة ومعاها شجرة ريحان جديدة، وكيس صغير ، ضحكت بخفة فظهرت الغمازات على خديها، فتحت الكيس لقيت (سلوبته بامبي)، وقتها حسيت إني امتلكت الدنيا كلها، أخيرًا حلم حياتي هيتحقق، هيكون لينا طفلة تشاركنا الحياة أنا مش مصدق.
عاشت معايا أجمل عشر شهور، تعبت كتير في حملها وأنا على قد ما بقدر كنت بهون عليها، ريم اتألمت كتير يوم ولادة” ضحى”، الدكتور خرج يومها وقالي انكتب لها عمر جديد.. مبروووك يا بطل ربنا رزقك ببنت شبه أمها.
ريم كانت سعيدة جدًا بالملاك اللي ربنا رزقنا بيه لحد ما في يوم خرجت أشتري لوازم البيت ورجعت لقيت البنت بتبكي بشدة.. ريم أنتِ فين ريم..
طلعت أجرى بسرعة على أوضة ضحى لقيتها لوحدها في سريرها ولسه بتبكي، بسرعة جهزت لها أكلها لحد ما أكلت ونامت..
-هي ريم فين كل ده؟
مش معقول تكون لسه بتاخد شور، ريم.. ريم، خرجت بسرعة ناحية أوضة النوم لقيت ريم نايمة والابتسامة على وشها، شبه الملايكة حتى وهي نايمة..
قررت أقفل الباب علشان تكمل نومها لكن وأنا بقفل الباب لفت انتباهي كأس المايه المكسور جنب السرير، تحركت ناحية ريم بقدم مرتعشة، إحساس غريب تملكني وقتها، إحساس الفقد والخوف والضياع وبالفعل ريم رفضت إنها ترد على سؤالي.. - ريم إنتِ كويسة؟