محمود حامد..يكتب
قصة قصيرة “روح وريحان”
(الجزء الثاني)
ربنا عوضني برجوع ريم بعد سنين عجاف، واتجوزنا وربنا كرمنا ببنت ذي القمر ، ضحى هي الشمس اللي نورت حياتنا، ضحكتها كفيلة بتغيير مزاجي ١٨٠ درجة، ورثت من ريم العيون الخُضر، وخفة الروح، تقريبًا ورثت منها كل شيء، يمكن ربنا أراد إنه يعوضني بضحى عوضًا عن مامتها، هي جنة ربنا على أرضة، ومش أي جنة دي الفردوس..
أحلام ريم كبرت وبدأت تخطط لليوم اللي هتكون فيه ضحى دكتورة، كان حلمها البنت تكبر علشان تتخصص في علاج مرضها وده اللي اكتشفناه يوم الولادة الدكتور قالي:
-ربنا كرمك بالطفلة لكن حياة الأم في خطر، عندها مرض خطير ويبدوا إنه ملازمها من فترة طويلة..
إحساسي وقتها كان مزيج من الفرح والحزن، إحساس مضطرب وشعور بالخوف من المستقبل، خوف على الحلم اللي اتمنيته وأصبح على شفا حفرة.
-بابا إيه رأيك في الفستان ده.. ولا ده؟
أحمد قالي لازم بابا يختار معانا، وأنا عارفة إن شغل الشركة واخد وقتك، ده بيحبك أوي يا بابا..
مقدرتش أمسك نفسي من البكاء والدموع، صورتها في الفستان الأبيض تشبه تمام ريم “الله يرحمها” هي تؤمها في كل شيء، إحساسي إنها هتسيب البيت وتتزوج إحساس مرعب، شعرت وقتها بالضياع واليتم..
“ضحى لما تكبر لازم تكون دكتورة، فستان فرحها أنت اللي هتصممه بنفسك وأنا اللي هفصله..”
دي كانت أحلامها كل شيء اتحقق فعلًا، البنت أصبحت دكتورة وشركتي ما شاء الله كبرت وأصبحت أكبر مصمم أزياء وموضة، أغلب المشاهير أنا اللي بصمم ملابسهم، والمصنع قادر إنه يصدر وينافس في السوق العالمي، والفضل في ده بعد ربنا يرجع للمهندس أحمد، أحمد بعتبره منحة من ربنا علشان يحافظ على بنتي ويحميها، وسط كل ده حاسس إن في جزء ناقص في قطعة البازل قصدي حياتي..
*
مقدرتش انتظر طلوع الشمس، لأن النوم خاصمني الليلة اللي فاتت، فتحت باب غرفة ضحى لقيتها نايمة وجنبها الفستان الأبيض، ابتسمت وانحنيت بالقرب منها وقبلتها في جبينها وخرجت، نصف ساعة من السير وأخيراً استقبلتني روايح الريحان.
في الزيارات السابقة ضحى كانت رفيقتي ولو عرفت إني قمت بزيارة بدونها ممكن تخاصمني، وده حصل مرة قبل كده ومفكرتش إني أكررها، لكن النهارده فرحها، ليه أحرمها من الفرحة..
طمنيني عليكي يا ريم عاملة إيه؟
-بنتنا كبرت وهتتجوز.. هتتجوز ولد ابن حلال، المهندس أحمد اللي كان معانا الزيارة اللي فاتت يا قلبي..
تليفوني رن أكتر من مرة لكني رفضت إني أشوف مين بيتصل، وأنا معاها لازم أنسى الكون كله.
وأنا بقوم بسقي الريحان سمعت صوت رجعني للواقع مرة تانيه، كانت هي..
-ما تقلقش يا بابا ده أنا.. ليه تحرمني من رؤيتها النهارده.
كانت شايله بين إيديها شجرة ريحان جديدة، أخدتها في حضني لما شفت دموع عنيها.
-أنا مش أنانية علشان أحرم ماما من الفرحة، كان نفسي تكون معايا النهاردة وتلبسني الفستان بنفسها.
-هي كمان مبسوطة بفرحك يا ضحى، عارفة هي دايمًا معانا بروحها وطيفها في كل مكان يا قلبي.
غرست الشجرة بنفسي وسيبتها تقرأ الفاتحة علشان تفضفض معاها، ضحى لما كانت تقولي ماما وحشتني كنت بحزن جدًا علشان كده حاولت إني أملى حياتها ضحك وسعادة، حاولت أعوض غياب ريم على قدر المستطاع.
“مش عارف هعمل إيه من بعدك يا ضحى، يعني خلاص هتتجوزي وتنسيني، البيت في وجودك كان جنة يا قلبي، عارف إنها سُنة الحياة لكن..”
-بابا.. بابا.. بابا.. يا بابا إيه مالك!
أنت بتحب جديد ولا إيه؟
- اللي يشوفك يا ريم عمره ما يفكر يحب بعدك.
-بابا أنا ضحى مش ريم!******
مرت خمس سنين وضحى بقى عندها ريم ومالك ، يوم الجمعة من كل أسبوع يوم مقدس بالنسبة للعيلة كلها بنقضيه مع ريم الكبيرة ، الأولاد بيلعبوا وسط الشجر والحقول وأنا وضحى وأحمد بنقرأ الفاتحة ونقعد نتابع الأولاد وهما بيلعبوا، مالك بيغير من ريم كل ما يشوفني وشايف إن اهتمامنا زايد بيها وعنده حق، اتفقت مع ضحى إنهم يقضوا الخميس والجمعة من كل أسبوع عندي، إحساس الونس والألفة كنت بحسه وهم معايا لكن بعد ما يفارقوني ويمشوا برجع تاني لوحدتي،
ودي سُنة الحياة.