جراحي يكتب – عجز –
.
كنتُ طفلاً
شاربي ظل
و صوتي لم يكن كالأمس مندفعاً
أو كالآن منكسرا
عاجلت كل الناطقين
و أقمت مدنا من حروفي ..
و هدمتها
و بنيت سوراً بيننا ..
و هدمته
كان الكلام منساباً و مندفعاً
لم أدرِ كيف يجيءُ، لم أدرِ ما أفعل!
خسرت جُلّ حروفي في صحاريهم
و أضعت ألف ربيع قبل أن يُزهر
إن كان يمكن أن نعود لما مضى
لكنت طفلاً
شاربي ظل
و صوتي ..
سوف أُمسكه و لن يبرح
و أنهار الحروف سأبني لها سداً، له في قبضتي منفذ
أجيز لبعض كلماتي بأن ترحل، و لن ترحل ..
سوى لربيعها الموعود
و لن تفضي إلى أحدٍ بـسِرّ غرامها المعقود
سوى لحبيبتي في الغيب
فكم باحت لمن لا يملك الآذان
و كم قالت ” أنا أهوي” .. لمن لا يعرف الأحلام
كذلك إن أعدتوني إلى الماضي
سأكتب كل كلماتي على جلدي
وشومٌ لا تفارقني
فَـورقي – في محاكمتي –
قد خانني و انضم للأخصام
قال ذاك الطفل من كتبَ
وذاك الطفل من نطقَ
وذاك الطفل قد كَرِهَ القضاه
ولم يقل ما في السطور ..
وبينها؛ أنني طفل
و شاربي ظل
وبطاقتي غيب
ورجولتي وعد
وبين سطوري الأولى
غرست الحب و الأحلام
بنيت لبلدتي سكن
رسمت لبلدتي أعلام
رفعت مآذن المسجد ووضعت أجراس الكنيسة
عبّدت الطريق ببلورٍ و أصقلته
و لوَنت السماء بزرقة و سحاب
وضعت بذور أحلامي
لكي تُنبت
طعاماً
لكل من جاعَ
و بيتاً يجمع الأغراب
و سفناً تحملُ القانِـى لبلدته
ما أجمل الأحلام للأوطان!
لكن كلماتي على الأوراق خانتني
لكن كلماتي على الأوراق شهدت زورا
و كلماتي على جلدي ..
قد أخفت الأحلام.
أضاعتها مع العُمر
على جلدٍ كواهُ الوقتُ بالعجز
عجزٌ عن الحفظ
عجزٌ عن الإدراك.