الكاتب محمد جراحي يكتب عجز


جراحي يكتب – عجز –

.

كنتُ طفلاً
شاربي ظل
و صوتي لم يكن كالأمس مندفع
أو كالآن منكسر
عاجلت كل الناطقين
و أقمت مدنا من حروفي ..
و هدمتها
و بنيت سورا بيننا ..
و هدمته
كان الكلام منسابا و مندفعا
لم أدر كيف يجئ، لم أدر ما أفعل!
خسرت جُل حروفي في صحاريهم
و أضعت ألف ربيع قبل أن يُزهر

إن كان يمكن أن نعود لما مضي
لكنت طفلاً
شاربي ظل
و صوتي ..
سوف أُمسكه و لن يبرح
و أنهار الحروف سأبتني لها سداً، له في قبضتي منفذ
أجيز لبعض كلماتي بأن ترحل، و لن ترحل ..
سوي لربيعها الموعود
و لن تفضي إلي أحدٍ بـسِر غرامها المعقود
سوي لحبيبتي في الغيب
فكم باحت لمن لا يملك الآذان
و كم قالت ” أنا اهوي” .. لمن لا يعرف الاحلام

كذلك إن اعدتوني إلي الماضي
سأكتب كل كلماتي علي جلدي
وشومٌ لا تفارقني
فَـورقي – في محاكمتي –
قد خانني و انضم للأخصام
قال ذاك الطفل من كتبَ
و ذاك الطفل من نطقَ
و ذاك الطفل قد كَرِهَ القضاه
و لم يقل ما في السطور ..
و بينها؛ أنني طفل
و شاربي ظل
و بطاقتي غيب
و رجولتي وعد
و بين سطوري الأولي
غرست الحب و الأحلام
بنيت لبلدتي سكن
رسمت لبلدتي أعلام
رفعت مآذن المسجد ووضعت أجراس الكنيسه
عبّدت الطريق ببلورٍ و أصقلته
و لوَنت السماء بزرقة و سحاب
وضعت بذور أحلامي
لكي تُنبت
طعاماً
لكل من جاعَ
و بيتاً يجمع الاغراب
و سفناً تحملُ القانِـى لبلدته
ما أجمل الأحلام للأوطان!

لكن كلماتي علي الأوراق خانتني
لكن كلماتي علي الأوراق شهدت زور
و كلماتي علي جلدي ..
قد أخفت الأحلام.
أضاعتها مع العُمر
على جلدٍ كواهُ الوقتُ بالعجز
عجزٌ عن الحفظ
عجزٌ عن الإدراك.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.