حُضْن بمثابة مخدّر:
تعاهدنا على أن نُكمل الطّريق سويًّا، لكنْ ماذا حدث ؟ أنا حقًّا لا أعلم.. بعدما كنّا نتراسل طوال الوقت حتّى أنّني نسيت طعم النّوم لأجلكِ فقط بالرّغم من قلّة حبّك للسّهر لكنّني لطالما تصوّرتك في مخيّلتي و أنتِ بقربي أحكي لك عن كلّ ما واجهته في يوميَّ الشّاق، لكن سرعان ما أصحو من غفوتي و أجد نفسي ملقى على سريري ترافقني بعض من أغانيَّ المفضّلة و سرعان ما أتيقّن أنّكِ كنتِ سوى مجرّد سرابٍ عابرٍ،،
إن أقصى ما أتمنّى أن أستحضره عند ملاقاتك هيّ تلك الجرأة الّتي أمتلكها عند مراسلتك.. لتجدني أرتبك من الوهلة الأولى خاصّة عندما تمدّين لي يديك لإلقاء التحيّة أو عندما تفتحين لي يديك لأحتضنك،،
يا إلاهي إنّه حضن بمثابة مخدّرٍ، أحقًّا كنت متعبًا أم كنت فقط أتهيّأ ؟؟ لماذا تركني ذلك الأرق ساعة معانقتي لكِ ؟؟ أم أنّني أتخيّل ؟؟ إنّه بمثابة الحلم الّذي لا تريد الإستفاقة منه، حتّى و إن إستيقضت منه تظلّ طوال اليوم مبتهجًا و مسرورًا لحظة تذكّرك له،، أظنّ أنّه هوّ السبب الّذي يجعلني أقضّي يومي كلّه فرحًا بعد ما يتركني ذلك العناق الطّويل.
” خرقت الصّمت معك أنت، أنت الوحيد الّذي فتحتُ له أرشيف حزني. “
《شكري مبخوت 》
كلّ من هم حولي لا أعير لهم أيّة إهتمام بقدر الإهتمام الّذي أعطيك إيّاه وقت محادثتك أو تلك الدقائق القليلة وقت لقائك لكن الغريب و المّضحك في نفس الوقت أنّ بعض الأصدقاء الصّادقين اللّذين لا يزالون يكملون الطّريق معي لا أبوح لهم بما في قلبي بقدركِ، تجد أحدًا منهم ساعة تغلب عليه الحيرة بسؤاله ” ما بكْ لقد كنت الآن تضحك لماذا كلّ هذا الحزن ؟”، ” لماذا كلّ هذه القناعات الكاذبة التي تقابلنا بها ” أو ” لا تخدعنا بهدوئك و كأنّ شيئا لم يكن” هذا هوّ السّؤال الّذي إلى اليوم لم أجد له جوابًا،، من الشّيء الغريب أن تعامل أعزّ خلاّنك هذا و من الشّيء الغريب أيضًا أن تعامل أفراد عائلتك هكذا، لا أستطيع أن أتعامل مع كلّ من حولي بنفس الأسلوب بتاتًا، أستطيع دائمًا إتقان التّمييز بين أعزّ ما أملك، حتّى معكِ خلقتُ أسلوبًا خاصًّا بنا لأتعامل به معكِ، لكنّي الآن أنظر لهذا الأسلوب كأنّه شجرة مُثمرة سرعان ما تتساقط أورقها لتذبل، أحقًّا وصلت لهذا الحد من الشّعور ؟
لا أعلمٌ ماذا أصابني عندما رأيتك أمامي تمشين، متّجهة صوبي و الإبتسامة ترافق وجهك، سرعان ما نسيتُ أنّني مصاب بحيرة إنسحابك المفاجئ و أنّني كلّ ليلة نتراسل فيها أحادثك ببرود بعدما كان كلامي كلّه مفعّمًا بالحب و الإهتمام لتجده مثقّلاً بالجدية و البرود..
في تلك اللحظة كنتُ أنظرُ لوجهك المختلط بين الإبتسامة و الحزن لكن كنت أشعر و كأنّ هنالك سلكًا شوكيًّا لكنّه غير مرئي معلّقًا بعنقك ممّا يدعوكِ لعدم التفوّه بالكلام، لكن ماذا أفعل لشوقي و أشتياقي، وجدت نفسي كلّما أنظر لعينيك إلاّ و شعرتُ بلهفة إحتضانك و أهمس بصوت خافتٍ عند أذنك و أقول لك ” لا تخافي أنا هناا معك ” لكن كنت أسمع صوتًا في داخلي يقول ” لا يا هذا ماذا تفعل ؟؟ النّاس من حولك أنت لست وحدك .. إيّاك ثمّ إيّاك و التّهوّر .. ” أظنّه كان الأنا الثاني،،،
الغريب أنّ جميع من حولي أتحدّث معهم بعقلي، بنضجي و بكامل حذري و خوفي إلاّ أنت أتحدّث معكِ بقلبي، بكامل رغبتي و عاطفتي..
كلّ ليلة أمضيها بمفردي إلاّ و إزداد الحنين إليك، عيني لا ترى أمامها سوى طيفك يمرّ بقربها و يحتضنها إحتضان أمٍّ لإبنها البِكرْ…
و كلّ ليلة أمضيها بمفردي إلاّ و عدت فيها لرسائلنا القديمة لعلّني أستفزّك به و تأتي إلّيَّ بكل جوارحك لكن من دون جدوى. كلّ ليلة أقرأ فيها محادثتنا السّابقة إلاّ و إحترقت ألف مرّة لدرجة أنّني كنت أستنشق رائحة إحتراق ذاكرتي بدل إستنشاق الهواء ذلك ما جعلني أختنق أم فقط كُنت أتهيّأ،،
عندما يكون التقدّم مألم و الوقوف مألم و الرّجوع للوراء مألم، فإنّ البوح بالمشاعر مؤلم و الكتمان مؤلم و الكذب عليكِ مؤلم أكثر..
- لماذا هيّ ؟
- لا أعلم، لكن في عالم مليء بالمزيّفين جائت لتكون أوّل شخص حقيقي..
كنت قد كتبتُ من قبل في محاولتي لنسيانك، لكنّي الآن في هذه السّاعة المبكّرة سأقول في محاولتي لإنتزاعك من مخيّلتي لم أوفّق كذلك، وجد إنصياعًا من قلبي الّذي لا يزال لحد الآن متعلّقا بالتفاصيل الصّغيرة بكِ، و سرعان ما طاعه العقل بطريقة لا إراديّة و وقعنا في فخّ الذّكريات سويًّا، خطرت على بالي فكرة العقاب، فحكمت عليهم حكما أصعب من حكم الإعدام في حدّ ذاته، أصعب من السّجن المؤبّد طوال الحياة في زنزانة مع أناسٍ غرباء، عدت للذّكريات القديمة، الأماكن القديمة، التفاصيل الصّغيرة و لرسائلنا القديمة،،
أحسست بأنّ الدّموع ستتهاطل كتهاطل مطرِ يناير في وقت متأخّر من اللّيل أحسست بأنّها تبحث عن طريق ما في ثنايا وجهي لتنزل بغزارة لكن سرعان ما تغيّر مسارها لتنزل إلى مباشرةً، مع نزولها أشتمّ رائحة إحتراق عقلي من كثرة التذكّر و التراكمات..
في الأخير بعد كلّ تلك التّجارب الموجعة لي، جعلتك تُصبح خنجري المحبّب،،