ازدواجية العالَم..
ليس عيبًا أن تضع المؤسسات قوانينًا خاصة بها مَن يتجاوزها تتم مُعاقبته، وأنما العيب هو معاقبة شخص والتغاضي عن الآخر.. والعار هو خرق المؤسسة ذاتها لقوانينها تلك.
في يناير 2009 تم تغريم لاعب المنتخب المالي “فريدريك عمر كانوتيه” مبلغًا ماليه وتوجيه إنذارًا له من قبل الإتحاد الأفريقي لكرة القدم، وذلك بسبب لقطته الشهيرة في مباراة فريقه الإسباني “إشبيليه” ضد “ديبورتيڤو لاكورونيا” في مباراة كأس ملك أسبانيا، عندما رفع قميص الفريق لتظهر كلمة فلسطين، في إشارة إلى المعاناة والظلم والدمار الذي يتعرض لهم الشعب الفلسطينى عامة وقطاع غزة خاصة بعد إعتداءات عام 2008. وقالت الفيفا حينها: “لا سياسة في الرياضة، ولا رياضة في السياسة.”
وقال كانوتيه حينها:”حزين للغاية بسبب هذه العقوبة، لم أسيء إلى أي شخص، كنت أريد فقط لفت الأنظار إلى الظلم والقهر الذي يعاني منهما الشعب الفلسطينى.”
وفي عام 2008، في مباراة مصر والسودان، كشف لاعب المنتخب المصري محمد أبو تريكه عن قميص كُتب عليه “تعاطفًا مع غزة” ليقوم حكم المبارة بإنذاره، وتوجيه تحذير آخر له من قبل الإتحاد الأفريقي لأن ذلك يُخالف قوانين الفيفا.
ومنذ أيام قلائل، كشف “مالينوفسكي” لاعب أتلانتا الإيطالي بعد تسجيله هدف عن قميص كُتب عليه (لا للحرب في أوكرانيا)، ولم تتم معاقبته أو تحذيره، بل على العكس؛ تعاطف العالم معه واحتفى به، والأدهى أن فيفا ذاتها احتفت به وبغيره من اللاعبين والفرق التي تضامنت ولا تزال تتضامن مع أوكرانيا!
أوكرانيا شاركت في غزو العراق، ووصف الجنرال الأمريكي “مارك هيرتلينغ” سلوك الجيش الأوكراني في العراق بإنهم كانوا (قوة فظيعة وقادة فاسدون غير منضبطين) فتخيلوا ماذا فعلوا في الشعب العراقي حينها؟
أوكرانيا تمتلك منشآت نووية وليس أسلحة فحسب، أوكرانيا هي من جرت نفسها للحرب بعد تحديها روسيا وتهديد أمنها. إذًا لما كل هذا التعاطف من العالم وهي مُدانة، وجحود العالم نفسه حق جميع البلاد العربية والإسلامية التي تم غزوها وتدميرها عسكريًا وسياسيًا؟
العالَم تحكمه حفنة من الناس، تسيطر عليه رؤوس الأموال، القوي فيه هو من يضع القوانين، وهو من يخترقها.
لا مكان لضعيف فيه حتى ولو امتلك الحق، لا قانون فيه.. طالما لا يخدم هذا القانون مصلحة القوي.
لا للحرب والظلم والدمار بصفة عامة، ولا تمييز في ذلك.