خائنة ولكن
قصة قصيرة {3}
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما أن كسر الباب وفتحه حتى رأى مالم تصدقه عيناه، ليته ما عاش حتى هذا اليوم ليته كان نسيًا منسيًا قبل أن يرى هذا بأم عينيه فهو ورغم كل شئ لم يتصور أو يدور بذهنه أبدًا أو يشك للحظة واحدة أنه سيرى ما يراه الأن.
أتراه يحلم؟ هل يصدق عينيه؟ هل ما يراه حقيقة؟ هل تلك التي يراها الأن هى زوجته المصون؟ كيف لها أن تخونه على فراش الزوجية؟ فها هى مسترخية فوق فراشها بملابس نومها والتي تكشف أكثر مما تخفي تحتضن الوسادة بإحدى يديها بينما تعبث بهاتفها بيدها الأخرى وكما يبدو له من حيث يقف أنها كانت توجهه حيث تتواجد تلك الشامة أسفل صدرها وكأنها تقوم بتصويرها عبر خاصية الفيديو لتريها لمن تحادثه على الطرف الأخر، كانت تفعل ذلك بمنتهى الغنج والإثارة بينما الإبتسامة لا تفارق شفتيها، كل ذلك لم يستغرق سوى ثواني معدودة بعمر الزمن ولكنها بالنسبة إليه كانت كالدهر على مقياس الوجع.
ما أن رأته حتى انتفضت لتسحب الغطاء وتستر ما تعرى منها،
تغيرت ملامح وجهها من السعادة إلى الخوف والقلق، شعر بإرتباكها وذلك من خلال إضطراب عينيها وحركات رموشها المتلاحقة، وفي حركة لا إرادية منها أغلقت الهاتف بسرعة من ثم وضعته بجوارها أسفل الفراش، لتتسائل في خوف وهى ترتعش ما بك؟ لمِ دفعت الباب هكذا؟ هل جننت لتفعل ذلك؟ وأين كنت؟
ربما هى تحاول بشكل أو بأخر التغطية على الأمر هذا ما دار بخلده، لم يجبها على أسئلتها فما يراه من خوف على ملامح وجهها لهو دليل دامغ على خيانتها وجرمها المشهود ولكنها تراوغ لكسب بعض الوقت ربما لنسج بعض الكذبات للإفلات من هذا الأمر هكذا تخيل الأمر بذهنه.
في بطء وخطوات متثاقلة توجه نحوها وهو ينظر بعينيها قائلًا في غضب لمَ استيقظتِ؟ ألم تكوني نائمة منذ قليل؟
هى في تحد : وأنت أين ذهبت؟ ألم تكن نائمًا بجواري منذ قليل؟
هو في غضب :وهل ستجيبي على سؤالي بسؤال؟
هى في حده : أجبني أولًا لأجيبك أو انصرف حيثما كنت وأغلق باب الغرفة من خلفك.
للوهلة الأولى ومنذ بدأ الأمر يشعر بالإرتباك والحيرة فبدلًا من أن يحاسبها ها هى بكل وقاحة تحاسبه في ثقة وكأنها تتحداه.
لثواني إختلط عليه الأمر ولكنه كتم غيظه بصدره ليجيبها في حنق متحاشيًا النظر بعينيها لقد كنت بالمكتب أنهي بعض الأوراق الهامة.
نظرت بعينيه مباشرة وهى تقول بلامبالاة حسنًا وأنا أيضًا شعرت بالأرق وكنت أطالع بعض المنشورات لحين عودتك.
هو في هياج : لا تكذبي فقد رأيتك بأم عيني وأنت تقومي بتصوير تلك الشامة وأشار نحو صدرها أردف قائلًا كما أنك كنتِ تكتبين فمع من كنتِ تتحدثين؟
هى ودون أن تلقي له بالًا: إنها إحدى صديقاتي وأنت لا تعرفها.
هو في غضب :صديقتك أم صديقك؟
هى بإبتسامة واسعة وهل يفرق معك ذلك؟
شعر بالضيق والغضب من تحديها الصارخ ليتساءل بينه وبين نفسه لأول مرة أتراها تعلم بما يفعله؟ هل أرادت الإنتقام منه بفعل نفس الأمر؟ ولكنني رجل ويحق لي مالا يحق لها وهكذا نشأنا وعلى هذا تربينا، هنا لم يتمالك نفسه من الحنق والغيظ ليقول لها في غضب نعم يا إبنة الأصول يفرق معي فهذا يعني أنك خااائن…. لم تدعه يكمل عبارته لتقاطعه قائلة في حسم حذار أن تنطقها وأنت تنظر نحوي، أردفت قائلة ولكن يمكنك أن تقولها وأنت تنظر بالمرآة كما يمكنك أن تقول كل ما تود قوله، هيا انظر بالمرآة لتنعتني بأقبح الصفات ولا تنسى إخباري ماذا تسمي ما رأيته الأن؟ فهل تسميه خيانة أم وضاعة أم وقاحة ، كما يمكنك أن تخبرني عن مشاعرك بعدما رأيتني بهذه الوضعية، إستطردت تقول في وجع هل فهمت أم علي أن أوضح أكثر.
لبرهة شعر بأن عقله قد توقف عن التفكير وأصبح ذهنه مشوش لا يدري كيف يتصرف الأن فهل يبرر ما يفعله ليصبح هو المتهم بعد أن كان القاضي والجلاد منذ قليل؟ أم أنها ما زالت ترواغ، لا لن تنطلي عليه محاولتها للإفلات بفعلتها المشينة ويجب عليه أن يقطع الشك باليقين،
اندفع نحوها مهرولًا ليباغتها ويتناول الهاتف بين يديه وهو يقول بلهجة آمرة هيا إفتحيه الأن، بهدوء وبإبتسامة غامضة أثارت قلقه وغضبه بنفس الوقت وضعت بصمة إصبعها على الهاتف ليفتح مباشرة، ما أن قامت بفتح الهاتف حتى توجه مباشرة نحو صندوق الرسائل ليقرأ أخر المحادثات والتي كانت وحسب التوقيت منذ دقائق قليلة.
بلهفة أخذ يلتهم الرسائل بعينيه وكلما قرأ أكثر كلما انقبض صدره وشعر بصعوبة شديدة في بلع ريقه ليمتقع وجهه ويتحول إلى اللون الأزرق من شدة الخوف ليردد في ذهول ولكن كيف ذلك؟ أنا لا أفهم أي شئ؟
قلب عينيه نحوها ونحو الهاتف وقد تغيرت نبرة صوته وانخفضت وهو يقول في حيرة ما هذا؟ وماذا يعني؟
اعتدلت لتقف قبالته وهى تنظر بعينيه مباشرة وهى تقول في حزن ووجع نعم أنا هى، أنا {ريم الفلا} حبيبتك أو ربما من الأفضل أن أسميها عشيقتك التي جعلتك تنسى زوجتك فوهبتها قلبك وحبك، حبيبتك التي أسمعتها أرق وأجمل عبارات الغزل والهيام والتي منحتها جل وقتك وإهتمامك.
عشيقتك التي أخذت كل ما هو لي لتمنحه لها، أم ظننت أنني لم أشعر بتغيرك بالشهور الأخيرة وأنت تطارد كل ظل لفتاة أو إمرأة، حتى أنك أصبحت تتودد لصديقاتي دون حياء.
إستطردت تقول بأسى وقتها فكرت بشئ يشغلك عن أفعال المراهقين هذه حتى لا تسقط بأعين من حولي وحتى لا يكون الإنفصال هو الحل الوحيد والأخير لأحافظ على كرامتي كزوجة وكأنثى ومن هنا كانت فكرة إختراع شخصية {ريم الفلا} الوهمية لأشغل وقت فراغك والذي إستكثرته على بيتك وعلى زوجتك.
هو : في ألم ولكن لماذا أرسلتِ لي بإسم {أسير الأحزان}؟ صدقيني كاد هذا يقتلني.
أردفت قائلة في ألم كان يجب عليك بوقت ما أن تتلقى صدمة كبيرة أو صفعة قوية لتفيق من نزواتك وتعود إلى رشدك لهذا كان علي إختلاق شخصية {أسير الأحزان} لأرسل لك الرسائل والإسكرينات التي قرأتها عساها تعيد إليك نخوتك ورجولتك وما فقدته من أخلاق بهذا الطريق الشائك.
هو :في حيرة ممزوجة بالخوف والقلق ولكن لماذا؟ لمَ فعلت هذا بي؟ لمَ لم تواجهيني أو حتى تهدديني كما تفعل كل إمرأة تتعرض للخيانة!
هى في حزن: وهل حقًا لا تعرف لمَ فعلت ذلك؟ ألا تعلم؟ حسنًا سأجيبك.
لقد فعلت ذلك أولًا لتتذوق من نفس الكأس التي تجرعتها، إستطردت قائلة في حزن كأس الذل والمهانة، وكما أخبرتك فعلته حتى ألقنك درس لا تنساه ولتضع نفسك مكان الطرف الأخر ربما تشعر بما يشعر به من وجع.
وحتى لا تسقط بأعين الأخرين وأنت تظن أن أمرك لن يكشفه أحد.
دمعت عيناها وهى تقول في حزن ربما أيضًا فعلت ذلك لأحصل على بعض حقوقي منك في الإهتمام والرعاية، حقي في سماع بعض الكلمات التي تدخل السعادة على قلبي، حقي كأنثى بسماع بعض عبارات الإطراء بين الفينة والفينة.
صمتت قليلًا من ثم نظرت بعينيه مباشرة وهى تقول وربما لأعرف ماذا أصبحت بالنسبة لك بعد كل هذه السنوات وربما لأعرف كيف تراني وكيف تصفني للأخرين، والأهم من ذلك كله لأنني لا أريد خسارتك للأبد. لهذا كان الدرس بهذه الطريقة وليس بالمواجهة لتحاسب نفسك دون أن أحاسبك.
أطرق خجلًا وهو ينظر نحو الأرض قائلًا بصوت خفيض سامحيني لقد أخطأت كثيرًا بحقك وبحق نفسي وكل ما أريده فرصة واحدة لتصحيح الأمر .
توجهت نحوه مباشرة وهى تقف قبالته لتضع يدها أسفل ذقنه من ثم ترفع رأسه إلى أعلى لتنظر بعينيه مباشرة في نظرة عتاب ممزوجة بالحب وهى تقول فعلت ذلك لأستعيدك ولأنني {أحبك} وما زلت {أحبك}
تمت بحمد الله
أيمن موسى
أيمن موسى يكتب خائنة ولكن قصة قصيرة {3}
