جدتي ..لم تكن جدتي أم أبي أو والدة أمي ..كانت جارتنا العزيزة قيل لي أنها أول من حملتني عند خروجي للدنيا أول من رأتها عيناي الصغيرة الواهنة , لم نقطن كثيرا بالقرب من منزلها لكني رغم بلوغي الثانية و العشرين من عمري مازلت أعرف تماما رائحتها و أذكر ملامح وجهها لطالما أحببتها لم نزرها سوي ثلاث مرات في كل مرة كنت أميزها بفؤادي من بين الحاضرين و أرمي بجسدي بين ذراعيها أشم رائحه حبها لي و أشعر دفئ ذاك الموطن .. في أخر مرة رأيتها أصابتها علة فكانت تنسي كثيرا لم تتعرف علي فذكرتها و أخذت أقبل خدها ثم يديها حبست دمعة في مقلتي .تلك الليلة نمت جوارها كانت تربت علي كتفي ، شعرت وقتها أنني عدت إلي عامي الاول , رحلت و ودعتها في اليوم الثاني شعرت و كأني لن أراها ثانية ..لكنني بعد عامين رأيتها هناك تقبع تحت الثري في جبانة توراي جسدها ,أيها الثري رفقا بها و بعظامها فو رب الناس لم أحبب من خلقه قدرها . أخذت أقرأ من القرآن ما تيسر لي و أحبس أدمعي .و فؤادي تكاد تمزق نياطه . قمنا نرحل من المقابر أنا و أمي و نظري علي موضع رقودها , لماذا يرحل الأجداد ! قل لي بربك لم تأخذ الأقدار كل جميل ! رحم الله روحها طيب ثراها و أنبت في الجنان حدائق لها .
رفيدة عمر تكتب جدتي
