سندك قد رحل…تلك الكلمات التي هزت قاع قلبها …تتقبل عزاء والدتها شاردة …ماهو مصير صبية بالغة من العمر 21 سنة تعيش في أسوأ عصر في التاريخ ؟ كيف ستواجه أقذر مجموعة بشرية وجدت على الإطلاق بمفردها ؟
ليلة طويلة … و حرقة شديدة تمزق قلبها ذلك الكتف الذي كانت تتكأ عليه إختفى بعد صراع طويلا مع المرض .
فمنذ ولادتها لم تبتسم لها الحياة بل كان للقدر رأي آخر … أب توفي قبل ولادتها بعدة أشهر , أم منهمكة تلعب دور الأب و الأم في نفس الوقت.. يفاجئها مرض والدتها في عمر الرابع عشر مما إضطرت لترك الدراسة رغم تميزها
للشغل لتوفير مصاريف العلاج و الأدوية …سويعات قليلة تفصلها عن توديع أمها و تقبيلها للمرة الأخيرة قبل دفنها …بعد تلك اللحظة لم يبقى لها أحد…كيف لبنت الواحدة و عشرين سنة أن تعيش بمفرها وسط هذا المجتمع ؟ فحتى عائلة أمها و عائلةأبيها لا تعرف عنهما شيئا !!!!!!!!!
قبل 23سنة ___________
عائلة حياة تخطط لزواج إبنتهم من إبن عمها محمد و عائلة عمر تخطط لزواج إبنهم من إبنة أحد رجال الأعمال بهدف إبعاد عمر و حياة عن بعضهما … لكن حبهما بل هواهما و عشقهما كان أقوى من أن يستسلما و خططا للهروب … تجلس حياة على حافة فراشها في توتر بالغ ترتدي فستان الزفاف و الكل ينتظرها في الخارج و لا أحد يتوقع مالذي يحدث … سمعت صوت عمر قفزت من النافذة الخلفية…والدتها في حيرة بسبب تأخر إبنتها و الصدمة كانت صاعقة عند دخولها الغرفة لتجدها خالية …عم الغضب والجميع يبحث عنهما لقتلهما …
ساعات ، أيام ،أشهر و الحبيبان مفقودان… في إحدى المدن البعيدة في منزل صغير إستقرا عمر و حياة بعد عقد قرانهما.
لم يتغير شيئا نفس الأحداث لفترة طويلةه العائلات تبحث عنهما للإنتقام و الحبيبان يعيشان في سعادة لكن تلك السعادة لن تدوم طويلا … اليوم الذي سيغير كل شيء …ماذا أخفى لهما القدر من جديد ؟
بعد سنة من إختفائهما صبيحة يوم ممطر حزين كأنه يخبرنا عن تلك العاصفة القوية التي ستغير مجرى حياتهما .. عمر في طريقه للشغل توقفت بالقرب منه سيارة سوداء مظلمة نزل منها رجل ووضع مادة مخدرة على وجهه ، سحبه بسهولة ووضعه في السيارة و إقتاده لجهة مجهولة …في المنزل تحضر حياة مفاجأة لزوجها لتخبره عن الهدية التي رزقا بها ….
كان مكاناً مظلما … فمه مغلق بشريط لاصق عينيه مغلقة بحزام أسود مقيد الأيدي و الأرجل حتى لايستطيع الهروب مع ضرب مبرح لمدة ثلاثة أيام…
قلق و حيرة و العديد من الأسألة تراود حياة هل تمكنوا من الوصول إلينا ؟ هل قتلوه ؟ بحثت في كامل المدينة في المستشفيات في مراكز الشرطة لكن ليس هناك أي خبر عن حبيبها …في اليوم الرابع نزع الرجل الحزام على عيني عمر و الصدمة عندما وجده والده… ألقى مجموعة من الصور على وجهه! صور حياة يتبعونها في كل مكان و في كل حركة و أخبره إن لم يلبي طلبه سيقتلها… لا يستطيع عمر التضحية بزوجته فهو يعرف والده جيدا يستطيع فعل ذلك و لإثبات مدى حبه الشديد لها يجب عليه الإختفاء نعم الإختفاء و السفر إلى فرنسا …
مرت 5 أيام على إختفاء عمر … الباب يطرق صراخ شديد إنهيار أصاب حياة عندما شاهدت جثة أمام الباب لم تتمكن من التعرف على ملامح الوجه لأنها مشوهة فإعتقدت أنها جثة زوجها … عاشت بجرح كبير لكن عمر بالنسبة لها لم يمت هو يعيش داخلها فهو حبيبها الذي تحدت من أجله عائلتها .
17/05/2001 تلد “قدر” لن تنسى ذلك الإسم…الإسم الذي أخبرها إياه عمر منذ صغرهما عندما يتزوجان و يرزقا بطفلة يسميانها قدر …
14 سنة من الشغل و التضحيات لتوفير مصاريف دراسة إبنتها تشتغل ليلا نهارا إلى أن أصيبت بمرض خطير و بدأت حالتها تتدهور شيئاً فشيئا حتى عجزت عن العمل …
العودة إلى الواقع ________
مر أسبوع عن وفاة والدتها عادت قدر إلى الشغل فليس أمامها خيار إلا أن تتحدى الحياة التي تصفعها في كل مرة …
الساعة 11 ليلا في ليلة باردة من ليالي جانفي تسير قدر بمفردها قرب الشاطئ لتريح أعصابها قليلا تتعرض في كل خطوة إلى التحرش اللفظي بنعتها بكل الألفاظ والعبارات الجارحة فتلصقها في الأرض لتتمزق… صبية في عمرها ماذا تفعل في وقت متأخر بمفردها؟ دموع ساخنة تسقط على وجنتيها دموع حرقة… البنت التي تظهر قوية تسكن في داخلها طفلة صغيرة مكسورة … مسحت دموعها.. وواصلت طريقها للعودة إلى المنزل
يد توضع على كتفها …رائحة كريهة تبدو رائحة خمر عندما إلتفتت يضربها أحد الضباع الجائعة ليسقطها أرضا و عندما تحاول الهروب يصرخ بصوت مشبع بالطمع …يحاول إغتصابها لكن تدافع عن نفسها بكل قواها…تصرخ بصوت يشق السماء …بدأ في تمزيق ثيابها
ليمر أحد الشبان يبدو طبيب يرتدي ميدعة بيضاء كان يشتري قهوة فأقبل مسرعا وضربه ليشفي غل البنت الضعيفة إلى أن هرب …إتجه نحوها محاولا تهدأتها و نزع ميدعته ليغطي جسدها العاري فسمعها تهلوس بكلمات راجفة تقطع أوتار الرحمة ….القدر من جديد يخفي لقدر شيئا جديدا لكن هذه المرة الشخصية الجديدة التي أنقذتها من ذلك الضبع المتوحش ستغير كل الأحداث القادمة فهل ستضحك لها الحياة للمرة الأولى بعد واحد و عشرون سنة من الألم …..
الجزء الاول بقلم نور الهدى الوهابي
نور الهدى الوهابي تكتب سندك رحل 1
