حريق كلية التربية جامعة العريش”(شاهد عيان)رئيس اتحاد طلاب كلية التربية جامعة العريش


“حريق كلية التربية جامعة العريش”
(شاهد عيان)
رئيس اتحاد طلاب كلية التربية جامعة العريش يكتب…… (تفصيل وتحليل) ‏

بعد ظهر اليوم السابع من شهر مايو يوم السبت من عام ألفين واثنين وعشرين.
تفصيلاً: أُخمد حريق بسيط كان قد نشب في مبنى الكلية لسبب قال المسؤولون إنه قصور في التيار الكهربائي تماسّ كهربائي وقيل غير ذلك.
طُلب مني في العشر الأواخر من الشهر المنصرم شهر أبريل القيام ببعض الأعمال التطوعية بالكلية من ترتيب وتنظيم وتجميل، على أن تكون تلك الأعمال بعد إجازة عيد الفطر المبارك، وفي أول يوم ذهبت فيه إلى الجامعة بعد الإجازة ألقيت نظرة على المبنى وبعض القاعات مستغلا الوقت المتبقي على موعد لي مع أحد أساتذتي، ثم قضيت القليل من الوقت أمام بوابة الكلية مع بعض الزملاء يسلم كل منا على الأخر، فنادت طالبة تعرفني ولا أعرفها قائلة: هناك حريق في مبنى الكلية يا عبدالرحمن، رددت مستنكراً: حريق! أين؟! ربما شائعة! فصاحت الطالبة وهرول الكثير من الحاضرين نحو بوابة المبنى.
سرعان ما ملأ أرجاءَ المبنى دخان أسود كثيف وخرج من نوافذها، طلاب وعاملات ينزلون من الطوابق العلوية مسرعين نحو البوابة وآخرون يصعدون من الطابق السفلي مكان الحادث بالتحديد ولا يعرف أي منا كيف نتصرف والكل يدور حول نفسه، أكثر من مطفأة استخدمها الحاضرون للسيطرة على الموقف ولكن الدخان المتصاعد بكثرة أفسد وأعجز المحاولات، وخرج الطلاب الذين حاولوا السيطرة على الموقف يقولون: لا تقلقوا فقد تأكدنا من عدم وجود أي شخص بالطابق السفلي والوضع يمكن السيطرة عليه دون خسائر، وكثافة الدخان هذه بسبب وجود ستارة مسرح بالقاعة طالتها النيران وخشبة المسرح فقط هي ما طبّقت فيها النار.
الأصوات والهتافات كثيرة وأفراد الأمن وأعضاء هيئة التدريس يأمرون الحاضرين بالابتعاد عن المبنى حفاظا على سلامتهم وخوفاً من أن يتفاقم الأمر، وفي حالة من الحزن الشديد والذعر والارتباك اتصلت هاتفياً بالرقم المخصص لهيئة الإطفاء الدفاع المدني فرد علي أحدهم قائلاً: الإسعاف معك ما الأمر!
قلت: معذرة، قصدت التواصل مع هيئة الإطفاء بسبب كذا وكذا واختلطت علي الأرقام لارتباكي، قال: لا عليك، يمكنك الاتصال بهم.
وبالفعل أبلغتهم فلبوا النداء على وجه السرعة وجاءت أيضاً سيارات الإسعاف.
في أقل من ساعة تقريباً كأن شيئا لم يكن وهدأ الأمر، وحضر أكثر المسؤولين كل فيما يخصه في موقع الحادث وبعضهم يتابع عبر الهاتف وبعضهم كانوا موجودين أثناء نشوب الحريق يباشرون التحقيق ومعرفة التفاصيل والأسباب والنتائج.
تحليلاً: الحادث بسيط جدا إذا ما قورن بغيره ولا أرى أنه يستحق أن يطلق عليه مسمى “حريق”، وليس الحريق الحقيقي ما يلتهم الأجسام البشرية ولا الحجرية والأمتعة ولكن ما يلتهم المبادئ والأخلاق والثقافات والفكر.
أثناء حالة الخوف والقلق والحزن المسيطرة على الكثير من الحاضرين ورغم أمر رئيس الجامعة بنفسه للحاضرين بمنع التصوير والابتعاد قدر المستطاع عن المكان استخدم بعض الحاضرين التافهين إن صح التعبير هواتفهم الذكية وعقولهم الغبية في تصوير الحادث من بعيد وبتقنية تقريب الصورة بغرض سرعة نشره من باب السبق الصحفي والتعليق عليه بكلماتهم السخيفة المحزنة وضحكات تفطر القلب مثل: الحمد لله احترقت الكلية، الكلية ولعت وننتظر بقية الكليات، الحمد لله استجيبت دعوتي في رمضان، يا ليتها احترقت عن بكرة أبيها، إن شاء الله المرة القادمة لن تبقي ولن تذر، هذه نتيجة أموالنا التي أخذت عنوة. وهلم جرا من التعليقات المكتوبة على صور الحادث يتداولها الطلاب وحتى أولياء الأمور عبر تطبيق “الواتساب” والسعادة تغمرهم شامتين فرحين راجين نشوب حريق آخر أقوى وأعم.
تابعت ذلك بصمت وأسف على ما وصل إليه عدد من الشباب الجامعي الذي من المفترض أن يكون قدوة لغيره من انعدام الولاء والانتماء والثقافة والأخلاق والآداب الذي ظهر جلياً في هذا الموقف، وما أصاب من ظن ذلك من باب المزاح والضحك والفراغ، الأوقات العصيبة والشدائد والضرر والمُلمات لا يقبل فيها المزاح والاستهزاء، لو أن مثل هذا الحادث في بيتك أو أهلك لن تضحك ولن تترجى تكراره، ما لا ترضاه لنفسك وأهلك وممتلكاتك الخاصة لا ترضاه لغيرك ولأبناء وطنك والممتلكات العامة التي تعود بالنفع والفائدة عليك وعلى غيرك، إن كان دافعك هو عدم الأخذ والانتفاع من مؤسسة ما أو من وطنك كله فأنت لم تبنِ الأهرامات والسدود ولم تحفر القنوات ولم تدفع المليارات من مالك الخاص هدية للوطن، إذا ما قورن ما أخذت بما قدمت فأنت أخذت أضعافا مضاعفة، وطن يأويك ويعلمك ويعالجك ويخدمك بطرق متعددة حقه عليك أن تحزن لحزنه لا أن تشمت فيه وتحب له الشر، عندما تقصر مؤسسة ما في خدمتك يتعالى صوتك وتقذف وتسب وتتهم وتشكك ولا ترى عيناك إلا الشر والنقص وتسأل عن حقك بعين صقر وصوت ذئب، وحين تخدمك وتحسن إليك لا تشكرها ولا تذكر خيرها، لا أرى أنّ ما حدث من الدين ولا الآداب والثقافة في شيء.
الثقافة النتنة أو انعدام الثقافة والولاء من الأساس عند هؤلاء أيا كانت مسبباته هو ما جعلهم يفعلون ذلك مقتنعين به يجادلون من يتعارض معهم فيه.
لا يقتصر الأمر على هذا بل ما يزيد الطين بلة أن تجد فئة في المجتمع من أصحاب السبق الصحفي أيضاً ممن ينطبق عليهم ما يأتي: (وقف بعض الذباب على قرن ثور يُستخدم في الحراثة ثم عادوا إلى معشر الذباب فقالوا: كنا نحرث الأرض طوال اليوم). يرفقون صورهم بصور الحادث معلقين عليه بقولهم: الحمد لله سيطرنا على الموقف، وإن كان تواجدهم في الحقيقة من أجل المساهمة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ فعدم تدخلهم لا يجعلهم ينسبون لأنفسهم فضلاً، إنه التباهي وحب الظهور والرياء ليس إلا.
لم يثر الحادث قلمي ولم أعزم على كتابة حرف واحد عنه، ما أثار قلمي مثل هذه المواقف التي جعلتني في حالة استياء وغضب عارم من نفاد الحصيلة الثقافية لدى البعض، والأمر غير مقتصر على أولئك فحسب، ففي شتى أنحاء البلاد وفي ظل التقدم والازدهار العلمي تجد أقرانهم ومن هم أضل منهم سبيلاً وأكثر منهم جهلاً وأسوأ منهم فعلاً.
في الوقت الذي يريد فيه عديمي الثقافة والولاء وفقراء العلم الضرر لمؤسسات وطنهم جاء بنفس اليوم على لسان المتحدث العسكري خبر استشهاد عدد من جنود الوطن الأبطال الذين نالتهم يد الغدر والخبث وأصحاب الفكر الإرهابي الجبان مدافعين عن بلادهم وأهلها ومؤسساتها بدمائهم الزكية الطاهرة، ولم تتوانَ الدولة يوما عن مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وإعادة حق دماء الشهداء والثأر لهم ورعاية أسرهم، هؤلاء رحمات الله عليهم أحياء عند ربهم يرزقون، وأصحابنا أموات بيننا يأكلون ويشربون كالأنعام، أعان الله الوطنَ عليهم.
ما تلف يمكن إصلاحه ولكن على الجهات المنوط بها التعليم أن تشعل حريقاً ثقافياً لا يُخمد ومخزوناً لا ينفد من الثقافة النافعة وأن تنمي المواطن روحاً وعقلاً بما يغذيهما ويحافظ عليه من هذه الأدواء الخبيثة.
📝 كتبه: عبدالرحمن بن زهران
رئيس اتحاد طلاب كلية التربية جامعة العريش

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.