منذ نصف ساعة و عدة دقائق و أنا أجلس و قلمي على حَرف ورقةٌ بيضاء ، أستحّسهُ كي أكتُب و لا سبيل لبوحٍ ..إنها لهزيمة ، لقد تكالبت الأمور على قلبي و لم أعُد أُجيد البوح حتى لأوراقي ..كأنني أفقد كل مشاعري إلي ثُقبٍ هاوي دون أن أتبين حقيقتها !
قاربتُ على الساعة و لم أَخُطُ بيدي سوى نقطة زرقاء على سطح بياضُها ، و لوهلة خُيَّل إلي أن ثمة جناحين لها ببقعٍ بيضاء على جِدارهُما تفردهُما بزهوٍ ..و تطير لتحُطُ على قلبي ، هتنمو زهورًا يتناثر منها عبقٌ سحري و النحلُ يحُط على عباد الشمس و ثمة صداقاتٍ تُعقد بين أبناءِ قلبٍ واحد ..أثق أن قلبي أرضٌ خصبة لتنمو الزهور و تتشابك خيوط الصُحبة و الود ..و على هذه الأرض سماءٌ صافية بلا شائبةٍ تشوبُها ، مناسبة تمامًا كي يطير الحمام مُنَّعمًا بسلام و ليسكُن كُل عصفورٍ عِشه دون خوفٍ من عاصفة .
رُبما هو عجيبًا أن يتحول الأرق لنُقطة و أن تتحول النُقطة لعالم !
يُمكنني الآن أن أبوح بشكل أفضل ، يُهيئ لي أن العالم هو نقطة أمان الآن ..
أنا يا صديقي فقدتُ الرفقة ، فما عدتُ أثق بيد أحدهم إذا مُدت لي ، و لا أشعر بصدق كلمة تخرج من فمِ أحدهم ..ما زلتُ أقف على أعتاب الطريق و الخطواتُ قليلةٌ بعد ..
هُناك أثرٌ لخُطوتين ، أحدهم تنحي قبل أن يُكلف نفسه مشقة السير لوقتٍ أطول ، و خطواتي أثرها أراها أنا ..لطالما كنتُ أحب السير وحيدًا ..بلا رفقة .
لكنها الحاجة ، إنها المشقة و الوهن الذي يصيب عظامك في مُقتبل طريقٍ لا تعرف له ملامح ..و لا من أحدٍ هُنا لترنو إليه و تستند ..لدي دمعتين عالقتين بطرف قلبي ، ألا يسعني أن أذرفهُما دون كل الجلجلة التي تحدثُ هناك ! ثمة ثُقبٍ يبتلع الدموع و الكلامِ معًا .
لكنني صادقتُ ورقة الليلة و يا لهُ من أثرٌ جميل ..و شيئٌ صادق و حظٌ وافر بلا مبالغة .
كدتُ أنسي ..الخوفُ غفى لعدة لحظات ، شَعرتُ خلالهما أنني حُرة ، بلا قيدٍ صاحبةُ أمانٍ تتنفس و تعيش !
لا أعلم أىُ نهاية لما هو ليس ينتهي ، لكنني ممتنه لنُقطة سارت بي نحو عالم يملؤه سلامٍ لم أعهده .
هاجر أحمد.