كثر الحديث في البلدة المجاورة عن ذلك “الدنجوان” وما حدث معه، يقولون أن الزهرة البرتقالية المقدسة قد التهمت لحم وجهه في شغف، يقولون أن صوت استغاثاته قد علا، حتى أن أناته قد وصل صداها لحكيم البلدة هنالك في قصرة المهيب فوق تلك الربوة العالية، يقولون أن إحداهن هي من فعلت به ذلك، نعم.. “إحداهن”.
حتمًا أنتم تعلمون أنه يمتلك جيشًا جرارًا من هؤلاء الـ “إحداهن”.. جيشٌ مكونٌ من أرواحٍ ثكلى، من قلوبٍ صرعى، من نفوسٍ مشوهةٍ موؤدة، خدر “دنجواننا” نبضاتها بمعسول كلماته، احتل ضواحي شغافها بحنكة، وأعلن نفسه ملكًا فوق أراضيها، ثم حين دانت له.. اجتثها من منبتها، وألقاها هنالك على قارعة دنيا الهوى.. تصارع نيران ألسنتهم وحدها.
يقولون ويقولون… يتحدثون عن كونها عملية انتقامية استهدفت وجهه باحترافٍ تام، يثرثرون عن أن وجهه سيبقى هكذا مغطى بضمادات طالما ظل حيًا، وجهه الذي كان في جمال يوسف.. أو هكذا كان يدعي، لن أعلم حقيقة ادعاءاته أبدًا، فأنا كما ترون بأعينكم.. كفيفة البصر.
دعونا لا نستغرق في الحديث مطولًا، واسمحوا لي بالانصراف كي ألحق بموعدٍ هام، أسمع بعضكم يستاءل عن تلك القداحة بيميني، وعن رائحة الكيروسين المنبعثة من ثيابي، حسنًا.. لقد نشأت ها هنا بينكم، وما اعتدت أن أخفى عنكم شيئًا، ولكن لا بأس من بعض الأسرار بين الحين والآخر، خاصة لو كانت تلكما الأسرار.. تفوح برائحة الشواء.
ألا تتفقون معي في ذلك..؟